في يوم السبت الماضي، وفى العاصمة السويسرية بيرن، تسلمت الأستاذة صفاء العاقب أدم، جائزة الحرية وحقوق الإنسان، مقدمة من مؤسسة الحرية وحقوق الإنسان، عرفاناً وتثمينا وتشجيعاً لجهودها الجبارة في مجالات السلام وشئون المرأة وحقوق الإنسان في بلد عانى وما يزال من ويلات الحرب وعدم الاستقرار. مؤسسة الحرية وحقوق الإنسان أنشئت بمبادرة من السيدة شارلوتى جاكوبى هيرتق في بيرن في العام 1972، وتهدف إلى تشجيع ومناصرة قضايا الحرية وحقوق الإنسان، ولهذا فقد خصصت جائزة رمزية مقدارها عشرة ألاف فرنك سويسري (حوالي عشرة ألاف دولار)، تمنح كل عامين لشخصية أو مؤسسة يشهد لها بالإسهام الملحوظ في دعم الحريات وحقوق الإنسان.
نالت الجائزة حتى الآن 19 شخصية منهم على سبيل المثال لا الحصر البروفيسور جان هيرش السويسري عام 73، والبروفيسور هيلموت تيلكا الألماني عام 79، وبطرس غالى من مصر عام 83، ودالي لاما –التبت – عام 1988.
وصاحبة الجائزة لهذا العام 2009 الأستاذة صفاء العاقب، هي من مواليد مدينة الجنينة في غرب دارفور وتنتمي إلى أسرة كبيرة من حيث عدد البنين واشتهرت الأسرة بممارسة التجارة وصناعة الجبنة. تخرجت صفاء في كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم في العام 1986، واليوم تشغل منصب السكرتير في جمعية تنمية المجتمع (سيدا) غير الحكومية ومقرها في الخرطوم. صفاء اشتهرت بأعمالها ونشاطاتها في مجالات حقوق الإنسان والسلام والاجتماع والمرأة والطفولة. و كانت سيدا لسنين عددا الملتقى الوحيد لأبناء دارفور الناشطين في العاصمة السودانية، وتضم في عضويتها نشطاء من كل أنحاء السودان.
باندلاع الصراع في دارفور وبتلك الصورة التي انتشرت حول العالم كان لجمعية سيدا بقيادة صفاء دوراً تنسيقياً وتعاونياً مع نشطاء حقوق الإنسان والقانونيين ومجموعات النساء والسياسيين في داخل السودان من أجل الوصول إلى حل سلمى لمشكلة دارفور عبر الحوار والمفاوضات.
يرجع الفضل كذلك لصفاء والمجموعة التي حولها في خلق شبكة تضامنية مع المنظمات الوطنية والأجنبية، وقد شاركت في العديد من المؤتمرات والسمنارات الدولية، ولهذا فليس من المستغرب أن يتم ترشيحها مع ألف امرأة في العالم لنيل جائزة نوبل للسلام جماعياً في العام 2005.
تمت مراسم الاحتفال في مبنى مجلس مدينة بيرن وبحضور مئة وخمسين شخصية مثل السودانيون 10% منهم.
ألقيت في الحفل كلمات من رئيسة المؤسسة للحرية وحقوق الإنسان، السيدة شارلوتى جاكوبى، ومن الدكتور قنتر بيشلار الخبير الدولي في شئون السلام وحقوق الإنسان، ثم تلتهما الأستاذة صفاء العاقب في كلمة أجادت صنع مفرداتها باللغة الإنجليزية صاحبتها ترجمة فورية للغة الألمانية بلكنة سويسرية.
سردت السيدة صفاء للحضور تأريخ نشأتها وارتباطها بدارفور وقضايا دارفور وحدثتهم عن جمعية تنمية المجتمع وعملها قبل وبعد اندلاع مشكلة دارفور،وأنها تعي أن هذا التكريم في شخصها يعتبر تكريماً لجمعية تنمية المجتمع وأولئك الجنود المدنيين المجهولين والذين لولا صمودهم وصبرهم وتجردهم لما كانت اليوم تقف وقفتها هذه داخل مبنى برلمان مدينة بيرن لتخاطب مائة وخمسين شخصية من المهتمين بحقوق الإنسان والحريات.
صفق الحضور للسيدة صفاء العاقب طويلاً على أثر إعلانها عن اقتراحها بتخصيص هذه الجائزة في تأسيس منبر ينطلق من مدينة بيرن يعنى بشئون السلام وبناء القيادات ورفع قدراتها في جانب الرشد والشفافية وتفهم العمل الجماعي. ودعت الجميع للانخراط في هذا المنبر، ولا حجر على شخص بسبب جنسه أو دينه.
مقالات عبدالله شريف>>
error: Content is protected !!