وكالة سودان برس

sudanpress وكالة سودان برس

مقالات الهندي عزالدين

المشكلة ليست في (حيازة) مولانا “عصام” لعشرة قطع أراضٍ … “الهندي عزالدين”

المدهش في القضية الإعلامية المثيرة للجدل الخاصة بقطع أراضي تملكها مدير الأراضي (السابق) وكيل وزارة العدل (الحالي) مولانا “عصام الدين عبد القادر الزين” أن الزميلة (الصيحة) أوردت أنها (6) قطع، بينما جاء الوكيل معترفاً (بعضمة لسانه) أنها كانت (10) – (عشرة قطع) تم التصرف في بعضها بالبيع وشراء منزل بالمعمورة وتبقت (4)..!!
المشكلة ليست في (حيازة) مولانا “عصام” لعشرة قطع أراضٍ، أو (عشرين)، فبعض موظفي الدولة (أثرياء) بالتوريث من آبائهم وأجدادهم أو زوجاتهم، أو من عطايا أبنائهم، أو من (حصائل) الاغتراب الطويل، ولكن المشكلة أن السيد مدير الأراضي (السابق) لم يكن (مقنعاً) خلال الحوار الذي أجرته معه الصحيفة في تحديد موارد ثروته التي جعلته ممتلكاً لتلك الأراضي!!
تحدث “عصام” عن (خمس سنوات اغتراب)..!! لكنه لم يقل إن راتبه كان (ثلاثين ألف ريال) – مثلاً – ليقتني (قطعة واحدة) دعك من (ثلاث)، فكم من (مغترب) لعشر سنوات طويلة، لم يستطع تملك أكثر من (قطعة) أو (بيت) في أحسن الأحوال.
كما أنه كان أوجب لمدير عام الأراضي، أن يتقي (الشبهات) – ما دام مديراً للأراضي – فلا يطلب أراضي استثمارية ولو دفع قيمتها (نقداً)، ونحن نعلم وبالتأكيد هو يعلم أن تخفيض القيمة يبلغ نسباً كبيرة لأصحاب الحظوة والعلاقات داخل حكومة الولاية ومصلحة الأراضي ووزارة التخطيط العمراني ثم تقسيطها على أقساط مريحة فضلاً عن (تحديد) و(تخصيص) قطع (مميزة) بعينها في مربعات باهظة الأسعار، بل وسحبها عن (المزاد العلني) في بعض الحالات كما أشرنا من قبل إلى قطعة تم الإعلان عنها قبل أشهر ضمن مزاد (الهوليداي فيلا) بمربع (11) – كافوري، وتم سحبها قبل بداية المزاد.. كل هذا يقع تحت طائلة فساد السلطة واستغلال النفوذ.
ولو لم يكن “عصام عبد القادر الزين” مديراً لأراضي الخرطوم، لما حصل على قطعة في حي (الرياض) الراقي من الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي، والغريب أنه يعترف في ثنايا الحوار قائلاً : (رشحوا لي قطعة الرياض بعد أن علموا أنني أود الانتقال من “جبرة” إلى شرق الخرطوم)!! من الذي رشح قطعة “الرياض” لسيادة مدير أراضي الخرطوم.. ناس الجهاز الاستثماري؟! أم موظفون بالأراضي؟! أم سماسرة عقارات في سوق الله أكبر؟!!
وإذا كان الترشيح قد جاء من إدارة الجهاز الاستثماري، فهذا بعينه مربط (استغلال النفوذ) و(تبادل المصالح) بين إدارة (مصلحة الأراضي) التي تحدد مواقع بناء مخططات (الجهاز الاستثماري).. وإدارة هذا (الجهاز)!!
هناك مشكلة أكبر وأعقد من هذه القضية أو تلك، وهي أس وأساس كل قضايا الفساد وهي (إباحة) تجارة الموظف العام أثناء توليه المنصب، بحيث أنه يدير مرفقاً (عاماً) و(يتاجر) لنفسه وأسرته – في ذات الوقت وليس بعد تقاعده – من ذات نوع التجارة أو القطاع الذي يديره!! وهناك مئات بل آلاف الحالات على هذا التجاوز (الخطير) بل و(التبجح) به!! وقد كان وزير الزراعة ووالي الخرطوم (السابق) “عبد الحليم المتعافي” أشهر (المتبجحين) بهذه (السنة السيئة) وهو يردد : (أنا ما بخلي تجارتي وبزنسي للوزارة)!
ولهذا فإنه من الإيغال في الشبهات أن (يتاجر) مدير الأراضي في (الأراضي).. حتى ولو من حر ماله وكد اغترابه أو انتسابه لبنك الادخار!! وكم من موظف كبير ببنك الادخار لا يملك قطعة (استثمارية) واحدة!!
إباحة الجمع بين (الوظيفة العامة) و(البزنس) أثناء تولي مناصب الدولة وتفشي ثقافة (التربح) والتملك و(الشيطنة) هي الأوتاد المتينة التي قامت عليها إمبراطورية الفساد.
في عقود سابقة، من خمسينيات وستينيات وإلى سبعينيات القرن المنصرم، كان (الموظف) في حكومة السودان، سواء كان وزيراً أو سفيراً أو مديراً عاماً، أو باشكاتب، لا يتحرى (دخلاً) إضافياً على راتبه، ولا يعرف ولا ينبغي له أن يعرف طريقاً للتربح وتحسين وضعه المعيشي على حساب وظيفته أو باستغلال موقعه! وللأسف الشديد.. هذا ما تعلمه الجيل القديم في (الخدمة المدنية) من المستعمرين (الإنجليز)!!
مؤسف ومحزن جداً أن يتعلم أولئك السابقون النزاهة والصرامة والانضباط في العمل من (الإنجليز الكفار) بينما لا تتعلم الأجيال اللاحقة من (دين الإسلام) شيئاً لتستقيم!!
} الأسوأ – الآن – أن كل مرتكبٍ خطأً يقول: (أنا واثق من سلامة موقفي ولن أستقيل).
لن يستقيلوا بالطبع، لأنهم مؤمنون تماماً بأنهم لم يرتكبوا خطأً، وأن الجمع بين التجارة و(الفلاحة) والوظيفة من ذات النوع.. حلال.. حلال!!
ورغم كل هذا التدافع والانفجار لقضايا الفساد، فإنني ما زلت أردد أن الدولة هي التي تقوم بكشف هذا الفساد وليس جهات أخرى!!
حتى الصحفيين الذين يقومون بالتصدي لهذه المهمة هم من عمق (تنظيم) الدولة (الحاكم)!!
فالذين يهتفون – جهالة وتهوراً – في مواقع (الإباحية السياسية) على صفحات الأسافير، وينددون بتوقيف الزميل الدكتور “ياسر محجوب”، لا يعلمون أن الأخ “ياسر” هو (أمين) مكتب الصحافة في تنظيم (الحركة الإسلامية السودانية) الذي تم تصعيده من قطاع الثقافة والإعلام للمؤتمر العام للحركة الإسلامية!! يعني الراجل أكثر من (مؤتمر وطني) شوية!!
صحيفة المجهر السياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!