قيل أن أمير شعراء البطانة الصادق ود حمد ود الحلال (الصادق ود آمنة) وكما يسميه الشيخ عبدالله ودحمد ودشوراني بـ (أب آمنة) كان في ضيافة الناظر في أحدى الجولات الانتخابية فشهد الكرم الفياض والأصيل للشيخ ولقبيلته واعجب إعجاباً شديد بذلك البذخ والبذل هنا تفتقت قريحته وهاج عليه شيطان شعره فأراد أن يخلد تلك المشاهد ببيت شعر خاصة وأن الحضور كان كثيفا وشهد الموقف خلق كثير فقال :
سويت لك شكرةً ما في زول سواها
وجبت خلقاً قبل في الدنيا ماشفناها
درداق للجزر زي التبلدي رماها
خلى الكلب يكرف الكبده ويتعداها
فرد عليه عثمان ودجماع وهو بالمناسبة من الشعراء المفوهين ذوي الذخيرة اللغوية الغنية والثرة وقال للصادق ود آمنه انك لم تشكر الشيخ كما ينبغي ولم تعكس كرمه بالصورة الصحيحة صحيح أن الكبد من أغلى قطع اللحم (في ظل ثقافة سائدة كالتي في السودان) وكون أن الكلب (كرف) أو شم الكبد وتعداها أي تجاوزها قد تفهم على أنها دليل شبع لكن الحصيف ربما يقول لعل الكلب كان مريضا أو أن الكبد قد انتن وبالتالي لم تروق للكلب عليه كان الأحرى بك أن تقول :
عجل أم هوسكي الشوش من الصياده
ملفوخ قرنو مابتقلب لسانو شهاده
درداق للجزر ود الشكرتو عباده
خلى الكلب يسوي الكبده ليهو وساده
وهنا تتجلى شاعرية الشاعر البطحاني عثمان ود جماع خاصة في المربوع الأخير فكون أن الكلب يتوسد (الكبد) وهي من مطايب اللحوم في السودان فهذا دليل على أن البشر قد شبعوا لدرجة ان الكبد لم يعد من المطايب وأن الكلب لم يكتف (بكرفها) و(تعديها) اي تجاوزها كما قال الصادق ود آمنه بل انه وضعها وسادة تحت خده ونام قرير العين هانيها.
جدير بالذكر ان عرب السودان يصفون الشجاع منهم بعجل الجاموس و(ملفوخ قرنو) الواردة في المربوع الثاني تشير إلى عجل الجاموس اي أن من يتعرض له لن يستطيع أن يكمل شهادة ان لا إله إلا الله فموته محتوم.
واعتقد ان الجزر وهي جمع جزرة اي ناقة معلومة للجميع.
رحم الله شيخنا الناظر وشعرائنا الصادق ود آمنه وعثمان ود جماع فقد تركوا لنا إرثا غاية في الغنى والثراء.
error: Content is protected !!