من خلال تدبري للنص القراني اعجبني وصف الله للعلاقة الزوجية التي شبهها بالميثاق الغليظ اي مثل الحبل العريض او الجنزير … وكنت الاحظ باستمرار ان الايات التي تتحدث عن الطلاق اقترنت بكلمة المعروف و احيانا الاحسان … فهل من المعقول ان يكون الفراق و الانفصال شامل للمعروف و الاحسان و يكون استقرار العلاقة الزوجيه قائم علي الضرب … بل هل الضرب يجدي نفعا مع المراة … من الناحية النفسية يتحول احترام المراة للرجل احترام خوف وليس تقدير … ولكن للتضح لنا الرؤية اكثر لماذا لا نبحر معا في النص القراني و نتدبر سويا ماذا يقصد المولي بكلمة ضرب في النص القراني الذي يختلف عن معاجم اللغة الوضعية .
فقوله تعالى [….وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }النساء34
من الملاحظ ان فعل النشوز لم يقع في الاية بل الامر الواقع هو الخوف من النشوز لقوله تخافون فهل الشكك و الريبة من امر النشوز يعطي الصلاحية للرجل لضرب المراة و هو لم يتحقق عنده اليقيين من النشوز ؟؟
وماذا تعني كلمة نشوز ؟؟؟ للاسف الموروث البائس اختلف في التفسير … بل قال احد منهم ان النشوز هو عدم طاعة رغبة الزوجة في معاشرة الزوج .. اضحكني كثيرا هذا التفسير لان العقوبة في الاية تمشل الهجر في المضاجع … اصلا هي رافضة للمضجع فكيف اعاقبها بهجر المضجع ؟؟؟
تعالي معي لنتدبر هذا النص القراني الذي ختمه الله بكلمة لنجعلك اية للناس …. حيث فسنجد في هذا النص العديد من الاحكام المختلفة لانه بالفعل اية للناس و دعونا نستخرج منه معني كلمة نشوز .. يقول تعالي أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَـٰذِهِ اللَّـهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّـهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٢٥٩﴾
ااعرف ان الكثير يفكر ما علاقة الاية بموضوع النشوز ولكن تدبر قوله تعالي وانظر العظام كيف ننشزها …فالله تعالي اعاد العظام الي حالتها الاولي واعاد تركيبها مجددا .. اذا النشوز هو العودة الي الحالة الاولي و نشوز المراة في الاية يشير الي العودة الي استقلاليتها قبيل الزواج فسارت تخرج وحدها بدون اذن زوجها وتتصرف كما لو ان ليست تحت قوامة زوج … لذلك امرنا الله في هذه الحالة بان نعظهم و نهجرهم في المضاجع ليس عقوبة بل للتاكد من ان هذه المراة لم تزني او ترتكب فاحشة تنقل مرض للزوج او تكون في حالة حمل من رجل اخر … ولو لاحظتم معي كل هذا يقع تحت دائرة الخوف اي لا يوجد يقين في الموضوع
اما كلمة اضربوهم فلا تعني ان نقوم بضربها وهي اصلا لم يثبت عليها ذنب بل كلمة اضربوهم في القران تعني وقفة استشهاد لكشف الحقيقة وتعالي معي لنلقي الضوء علي بعض الايات التي تتحدث عن الضرب فستجدوا كل الايات تشير الي ان الضرب لا يعني ابدا الصفع
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً
فهل قام الله بضرب المثل ام ان مقصد الله هو كشف حقيقة ما فوق البعوضة
{أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ
وفي هذه الاية يكشف الله حقيقة منع الذكر لانهم كانوا مسرفين ولم يقوم الله بصفع الذكر
{وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ .
سيدنا موسي كل ما قام به هو لمس الحجر بالعصا فكشف الماء و انفجر حتي عندما ضرب البحر بعصاه فانكشفت اليابسة فالموضوع كله يكمن في عصي موسي التي تحمل ارادة الله
وهناك من هاجمني مستشهدا باية ولكن للاسف ايضا هذه الاية لا تعني بان الضرب هو الصفع فيقول تعالي
وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ
هنا كلمة يضربون وجوههم لا تعني يلطمون كما قال احدهم والدليل علي ذلك انها اقترنت بالادبار فهل الكافريين كانوا يضربون مؤخراتهم و وجههم …. ان الله يكشف لهم حقيقة ما تقدم و تاخر من اعمالهم فكانت في الحالتين كفرا
وكثير من الايات التي تتحدث عن الامثال التي يضربها الله للناس لكشف الحقائق والتبيان
والناظر إلى آيات معاشرة النساء يجدها جميعا تتناول كلمة المعروف……بينما الضرب بمعنى الإهانة والإيلام ليس من المعروف، وتدبر قوله تعالى في هذا الشأن
1ـ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ }البقرة228
2ـ {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ …… }البقرة232
3ـ وهذه آية ذكر الله فيها المعروف مرتين {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }البقرة233
4ـ {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ}البقرة236
5ـ {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً}النساء19
6ـفَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ
7ـ {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}التوبة71
8ـ{الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}
وكلمة المعروف تعني ما تعارف عليه الناس وتعني التدليل وتعني الملاطفة لكنها إلى ما تعارف عليه الناس أقرب.
فليس من المعقول أن يكون الضرب المعني في آية [واضربوهن] أن يكون ضرب الإيلام والإهانة إلا إن كان ذلك من العرف العام بين الناس في جيل معين أو شريحة بذاتها……لكن الأصل في المعروف أن يكون اللين وبما اعتاد عليه الناس وتعارفوا.
وباستقراء آيات العلاقة بين الزوجين تجد بأن المعاشرة تكون بالمعروف والإمساك يكون بالمعروف والطلاق يكون بإحسان وللنساء مثل ما للرجال بالمعروف [بند رقم 1] والتراضي بين الزوجين يكون بالمعروف ]
والمؤمنين والمؤمنات يأمرون بالمعروف بين الناس فهل يكون تعاملهم بين الناس بالمعروف بينما يكون تعامل الرجل مع زوجته بالذات بالإهانة والإيلام؟
فهل يضع الله شرط المعروف بين الزوجين في كل شيئ إلا حين يغضب الزوج فله أن يخرج عن المعروف ؟.
وضرب الإهانة والإيلام بمعنى التأديب ليس له محل إلا في ذهن الفقهاء والمفسرين فالمرأة البالة ليست بحاجة للتأديب حتى اني أجد لفظ الفقهاء فيما انتهوا إليه من حق الرجل تأديب زوجته أجده لفظا منفرا ولا يستقيم مع كل آيات الزواج التي جاءت بالمعروف بين الزوجين بمهنى الملاطفة وما تعارف عليه الناس ولا يمكن أبدا أن يكون الإهانة والإيلام
وعودة لمعنى [واضربوهن] فنجد انها بمعنى وابتعدوا عنهن بالكلية كقوله تعالى {أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ }الزخرف5
فكلمة [أفنضرب] بمعنى [أفنبعد] او [نمنع]
فحين تكون العظة هي أول المطاف بين الزوجين يكون الحل الأوسط هو الهجر في المضجع ويكون الحل الأخير هو الابتعاد بالكلية عن المرأة بهجرها خارج الفراش وليس في الفراش فهذا مما يتسق مع المعاشرة بالمعروف والتسريح بإحسان
وإلا لو كان الضرب بمعنى الإيلام والإهانة هو المهني بآية [واضربوهن] فإنه لن يكون هناك عرف ولا معروف في المعاشرة، ولن يكون هناك إحسان في التطليق وهذا ما وقع فيه أنصار مذهب الضرب بمعنى الإيلام أو الإهانة أو كليهما.
والذين قالوا [واضربوهن] بمعنى الإيلام أو الإهانة إنما أنشئوا تضاربا بالقرءان بمفهومهم عن الضرب في المعاشرة الزوجية بين [واضبربوهن] وبين [المعروف] الواجب بين الزوجين…….وهو يكون بكل حياة الزوجين من المعاشرة بالمعروف إلى حتى الطلاق بالإحسان
فالضرب هو كشف الحقيقة لذلك طلب الله الاستشهاد بالعقلاء في حالة النشوز
ونجد رسول الله في الحديث يقول لَا يَجْلِدُ أحدُكم امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُجَامِعُهَا في آخِرِ الْيَوْمِ … وقال ايضا عليه افضل الصلاة : إنما النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلائيم …
ويقول عليه الصلاة والسلام : أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم)) ( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ) (قال النبي محمد صل الله عليه وسلم : استوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم، إن لكم عليهن حقا، ولهن عليكم حقا)
ويقول تعالي ولا يــضــربـن بــارجـلهـن ليـعلـم مــا يـخـفــيــن مــن زيـنــتـهن .. وهنا تؤكد الاية ان الضرب هو الكشف فيامر الله المراة بان لا تلبس لباس كاش للساق ليتبين منها ما يثير شهوة الرجل و هنا الثارة ليست المقصودة في الساق بل الثارة هي اثارة تخيلات لقوله تعالي ليعلم ما يخفين ولم يقل الله ليروا فالعلم بالشيئ في لغة القران لا يشترط فيه الرؤية انما تشترط فيه البصيرة
لا اريد ان اطيل عليكم … ولكن لغة القران تختلف تماما هنا هذا الفقه السلفي الذكوري الذي اطاح بكرامة المراة و شبهها بالحمار و الكلب الاسود … والكثير مما قيل عن المراة من النقصان في الدين والعقل افتراءا وبهتانا علي الرسول ص بالرغم من ان المراة كاملة عقل ودين بشهادة النص القراني.
error: Content is protected !!