في ظل التردي الاقتصادي الذي تعيشه البلاد كان لا بد للدولة أن تتجه لوضع العديد من المعالجات التي يمكن أن تسهم بشكل فعال في إصلاح الوضع وذلك بفتح أبواب الاستثمارات بجانب الاستفادة من تحويلات المغتربين، حيث أكد الأمين العام لجهاز تنظيم شؤن السودانيين العاملين بالخارج، أن جملة التحويلات الرسمية بلغت 100 مليون دولار خلال الربع الأول من العام الجاري إلا أن 4 مليارات دولار خارج النظام المصرفي بالبلاد، والذي يمكن وصفه بالمبلغ الكبير الذي قد يسهم في معالجة مشاكل البلاد خاصة الوضع الاقتصادي. وطالب الأمين العام بتحرير سعر الصرف الخاص بالتحويلات أو تحديد سعر صرف مجز أقرب للسوق الموازي، واقترح معاملة تحويلات المغتربين أسوة بحصائل الصادر، ووصفت الأمم المتحدة في وقت سابق تحويلات المغتربين السودانيين العاملين بالخارج بالضئيلة، داعية الحكومة السودانية لإعداد منهجية جديدة وإستراتيجية للتعامل مع تحويلات المغتربين، مشيرة إلى أن حصة الاستثمار من التحويلات القادمة للسودان ضعيفة جداً.
وأكدت استعدادها لتقديم الدعم الفني للحكومة السودانية لجذب تحويلات ومدخرات المغتربين، مشيرة إلى تراجع نسبة مساهمة تحويلات السودانيين لأقل من 1% في الدخل القومي للبلاد، مقارنة بـ 6% خلال العام 2013، فعلى الرغم من إعلان الدولة وضع تسهيلات لتحويلات المغتربين والاستفادة منها إلا أن تلك المعالجات لم تر النور إلى يومنا هذا ، وأرجع عدد من المختصين في الشأن الاقتصادي عدم وجود نظرة علمية للاستفادة من تحويلات المغتربين طيلة الفترة الماضية، بجانب عدم وجود سياسة أكثر ديمومة لجذب التحويلات بالاضافة لتأثرها بالحظر المفروض على البلاد وانكماش شبكة المراسلين للبنوك، فضلاً عن التكلفة المرتفعة للتحويلات، وقال الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي من الجيد أن يكون حجم المبالغ التي تدخل البلاد من تحويلات المغتربين عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية 4 مليارات دولار، لافتاً إلى مساهمته في تغطية العجز في ميزان المدفوعات قد تكون كبيرة في حال دخوله عبر القنوات الرسمية بكامله، مشيرًا لضعف حجم المبالغ التي يتم إدخالها عبر القنوات الرسمية والتي لاتتجاوز الـ100 مليون دولار مقارنة بالـ«4» مليارات دولار التي تم إدخالها بصورة غير رسمية.
وأكد خلال حديثة لـ«الإنتباهه» إسهامها في إحداث خلل بالنسبة للمسؤولين في وزارة المالية وبنك السودان في رسم السياسات ووضع الموازنات الصحيحة، وأرجع الرمادي وجود تحويلات خارج القنوات الرسمية لوجود خلل كبير في السياسة الاقتصادية بجانب التعامل بأسعار الصرف. لافتاً الى أن الفارق الكبير في سعر الصرف قد يلعب دوراً في دفع المغتربين للجوء للقنوات غير الرسمية، وأضاف على الجهات الرسمية أن تراعي الوضع وتجعل من السياسات ما يحفز المغترب للقنوات الرسمية وذلك بإعطائه سعر صرف معقول وليس بالضرورة منافسة السوق الموازي ولكن لتقليل الفارق بين السعر الرسمي والموازي، ودعا لضرورة اتجاه الدولة لوضع حوافز أخرى كميزات تفضيلية للمغتربين الذين يحولون مبالغ سنوياً بقدر معين كإعطاء أراضي مميزة في العاصمة والولايات، وشدد على ضرورة أن تسعى وزارة المالية لإيجاد بدائل لمعالجة مشكلة الاقتصاد والتي وصفها أنها تسير من غير ربان، بجانب غياب الكفاءات المهنية التي تدير الاقتصاد، وقال لا بد من وضع الرجل المناسب في المكان المناسب والذي قد يسهم في معالجة الوضع.
ومن جانبه أشار الخبير الاقتصادي حسين القوني الى أن تحويلات المغتربين بصفة عامة تشكل للعديد من الدول، نسبة كبيرة من الناتج القومي في السودان مصدرا للحصول على النقد الأجنبي، مما يتطلب إعطاء سعر صرف مجزي حتى لو تطلب وضع هامش معين فوق السعر الرسمي للتعامل مع المغتربين بحيث تضيق الشقة بين السعر الرسمي والسوق الاسود مع ضرورة منح امتيازات خاصة للمغتربين وفق دراسة متخصصة يقوم بها جهاز المغتربين بالاضافة إلى إقامة فروع للصرافات في أماكن وجود المغتربين بجانب البحث عن الأسباب التي تحول دون الاتجاه للتحويل عبر القنوات الرسمية. وطالب القوني خلال حديثه لـ«الإنتباهة» وضع الحلول المناسبة مع مراجعة الساسيات المالية التي اتخذت من قبل، بجانب معرفة المعوقات التي تواجه التحويلات ووضع حوافز إضافية وإيجاد الفرص البديلة لخيارات مختلفة.
تقرير: إنصاف أحمد
الانتباهة
error: Content is protected !!