أتمنى أن يكون سياسيونا في السودان حالفهم الحظ بالاستماع للكلمة التي ألقاها أمس نتنياهو، رئيس وزراء اسرائيل، أمام الكونغرس الأمريكي.. قدم درساً في معاني الدولة الحديثة.. سيادة القانون.. والديمقراطية.. محاضرة تشرح الفرق بين دولة حقوق الإنسان فيها منحة من الحكومة تهبها حين تشاء وتنزعها حين تشاء.. وبين دولة تدرك أن ثوابت الحكم فيها تعتمد على قدسية حقوق الإنسان وحرمتها. نتنياهو.. اليهودي.. قال : إن من بين أكثر من (300) مليون عربي في الشرق الأوسط.. هناك مليون عربي فقط يتمتعون بالديمقراطية الحقيقية.. هم عرب اسرائيل.. هل يستطيع عربي واحد المغالطة في هذه الحقيقة.. لا أعتقد.. في إحدى زياراتي للعاصمة البريطانية، لندن، تصادف وجودي في الفندق مع وفد من عرب اسرائيل.. تحدثت معهم.. قالوا لي: إن حقوق المواطنة التي يتمتعون بها في الدولة الإسرائيلية لا تقارن بأية حقوق في أية دولة عربية أخرى.. حكى لي أحدهم أنه فقد جوازه خلال زيارة سياحية إلى الهند.. ذهب إلى سفارة بلده (إسرائيل) وشرح المشكلة.. طلبوا منه الجلوس في حجرة استقبال محترمة.. أخذوا البيانات. . في أقل من نصف ساعة كان في يده جواز آخر جديد.. ليرجع بالسلامة إلى بلده إسرائيل.. قال لي أحد عرب اسرائيل.. : إنهم يستطيعون الحديث وإصدار البيانات التي تطالب بإلقاء إسرائيل في البحر.. كل شيء ممكن ومسموح به.. أن تهتف ضد الرئيس الإسرائيلي ورئيس الوزراء… وشاهدنا رئيس وزراء إسرائيل السابق (أولمرت) كيف كانت الشرطة تحقق معه – وهو في سدّة الحكم – أكثر من خمس مرات .. وأي جريمة تلك التي تحقق فيها.. جريمة التصرف في ما جملته عشرين ألف دولار، كانت فائضاً من نثريات مأموريات خارجية لم يرجعها للخزينة حينما كان عمدة القدس. في شرقنا العربي.. كلما طالب شعب بالحرية والديمقراطية أسكتوه بعبارة: (نحن نمرّ بمنحى تاريخي خطر) حياة العرب كلها منحنيات (خطرة) تتطلب أن تظل الشعوب العربية مكممة الأفواه .. والإرادة.. ولهذا فقط.. تهزمنا إسرئيل في كل شيء.. تهزمنا في الحرب.. في الدبلوماسية .. في الاقتصاد.. في الصناعة.. في الزراعة .. وبينما نصرخ نحن الشعوب العربية (هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية) ولد شعب إسرائيل وفي فمه ملعقة من ذهب الديمقراطية والحرية.. لم (يهرموا) مثلثنا في انتظار نيل أبسط حقوق الإنسان. الحرية.. ليت أحداً يتبرع بطباعة خطاب (بل محاضرة) نتياهو هذه ليوزعها داخل البرلمان السوداني .. لنعرف كيف نصنع دولة قوية .. دولة صغيرة مثل إسرائيل تتحدى محيطاً من الشعوب العربية تحصارها من كل مكان. قوة الدولة في قوة إنسانها.. هذا مربط الفرس في قوة إسرائيل.. أن يحس المواطن بأنه آمن على نفسه وماله وأسرته طالما لم يطأ برجله على القانون.. بالله عليكم انظروا إلى أي مواطن سوداني عندما يدخل إلى أي مرفق حكومي.. انظر في وجه المواطن. ثم انظر في وجه الموظف الذي يقف أمامه. وقل لي: من السيد .. ومن الخادم.. فضحتنا.. يا نتياهو.. الله يفضحك..!!
عثمان ميرغني
التيار
رابط كل الحلقات!
error: Content is protected !!