قادتني قدماي قبل أعوام نحو سفارة دولة عربية تلبيةً لدعوةٍ (ملحاحة) من ملحقها العسكري ..
قال إنه معجب بالذي نكتب ويريد (جلسة قهوة عربية) تجمعنا معاً لدواعي التعارف عن كثب ..
وأعترف الآن بعد السنوات هذه كلها أنني أخطأت في تلبية تلكم الدعوة لسبب لا علاقة له بالذي (حدث!!) لنا داخل صالة استقبال السفارة ..
فالذي يُعجب بك من غير بني جنسك هو من عليه أن يسعى إليك لا أن تسعى إليه أنت ..
هذا هو تقديري الذي (تنكبته) نهار اليوم ذاك على النحو الذي ذكرت ..
أما ما حدث لنا عند (مدخل) الاستقبال فهو حسب ظني خير (مدخل) لكلمتنا هذه..
فقد كان موظف الاستقبال يجلس جلسةً تجعل أول ما يُرى منه الـ(خفان!!)قبل أن يظهر الرأس عند منتصف المقعد المائل إلى الوراء ..
كانت (قعدةً) أشبه بالتي يقعدها المرء عند مشاهدة التلفاز والقدمان على طاولةٍ أمامه ..
والذي (استفزني!!) منه أنه لم يعدل من جلسته تلك عند وقوفي بجانبه مكتفياً بنظرةٍ (عجلى) رمقني بها قبل أن أن يعاود (البحلقة) في الذي كانت تبثه قناة “الجزيرة” لحظتذاك ..
فما كان مني إلا أن (خبطت) الطاولة براحة يدي وأنا أصيح فيه بأعلى صوتي : (أقعد كويس واتكلم معاي لو سمحت) ..
وآتت مفعولها (الخبطة) بأسرع مما توقعت وقد حسبني ربما مسؤولاً ذا شأن..
ومن أجل هذا وغيره درجنا على أن نكتب الذي لم يكن يعجب جاري بهذه الصفحة (حالياً) الأخ الطيب مصطفى ..
فقد قلنا كثيراً فيما قلنا أن على أبناء بلدي الإعتداد بـ(حضارة!!) لهم هي الأقدم في محيطنا العربي والإفريقي ..
وقلنا أن الحضارة هذه هي إرث للسودانيين جميعاً وليست وقفاً على النوبيين وحسب بدليل وجود آثارٍ لها (حتى) بجوار مسقط رأس الطيب مصطفى (الجعلي)..
وقلنا أن محاولة استنهاض قيم حضارتنا هو شئ يماثل ما فعله هتلر حين بث في شعبه روح (الاعتزاز) بجنسه الآري بعد إذلاله عبر معاهدة فرساي فكانت ألمانيا التي هابها العالم أجمع بغض النظر عن أخطاء الفوهرر بعد ذلك ..
وقلنا أن (عقدة النقص!!) التي يعانيها البعض منا إلى حد (استلاف) ألسنة شامية وخليجية بخلاف ظاهرة (تبييض البشرة) هي بسبب (توهاننا) عن هوية عمرها سبعة الآف من الأعوام ..
والبارحة فقط (فاجأني) الأخ الطيب مصطفى بركوبه معنا (السرج) ذاته مُعيباً على شبابنا التأثر بما تبثه فضائيات (عربية) ؛ ملبساً ومسلكاً ومنطقاً ..
ونعني بـ(المنطق) هنا على سبيل المثال (عوج) اللسان بحرف الجيم تعطيشاً له من تلقاء مذيعات زماننا هذا تمشياً مع بياض من (صنعهن!!) في الوجوه والنحور والأكف ..
ثم ويا للمصيبة تجهل الواحدة منهن لم تهتم الدولة العربية ذات الفضائية (البيضاء!!) تلك بآثار حضارة (سمراء) في بلادهن ..
فحضارتنا التي بذلت قطر من أجلها – الآن- أكثر من مائة وثلاثين مليوناً من الدولارات هي أقدم من حضارة المصريين الذين يفاخرون بآثارهم دون أن يشذ من بينهم من يقول : (نحن عرب ولسنا فراعنة!!) ..
أو من يقول : (إن تفاخرنا بهويتنا الفرعونية ينتقص من انتائنا الإسلامي) ..
ولكن أخانا الطيب مصطفى عندنا هنا كان يقف (شوكة حوت في حلوق) أقلامنا حين ندعو إلى إعتداد بحضارتنا مثل الذي لدى المصريين هذا داعياً إلى هوية غير ذات (دغمسة!!) ..
كان يدعو لذلك الطيب دون أن ينتبه إلى أن مُتحف بلاده (القومي) هو متحف نوبي (قح!!) لا صلة له بـ(العروبة) ..
ثم (يتمغص) البارحة من (تعالٍ) تجاه سمرتنا – من تلقاء شبابنا – أشبه بـ(تعالي) موظف السفارة العربية ذاك تجاهنا نحن ..
(طيب) (ماعشان كده) كنا نكتب الذي نكتب يا شيخ (الطيب)..
ولله الحمد من قبل ومن بعد !!!!!
صلاح الدين عووضة-الصيحة
error: Content is protected !!