انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ ۚ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ. صدق الله العظيم
في اعقاب الهزيمة، المنكرة، التي مُنيت بها كتائب الاخوان المسلمين، المختطفة لجزء كبير من الجيش السوداني، في ودمدني، وما تبعها من اندحار كتيبة البراء بن مالك، التي هرب قائدها من ميدان المعركة، وجرى، وقفز السلك الشائك، على حد تعبيره، في المقطع المسجل بصوته، والذي يحكي فيه هروبه، خرج علينا الأمين العام للحركة الإسلامية السودانية، السيد علي كرتي، الدبّاب السابق، ووزير الخارجية في نظام الاخوان المسلمين، الذي أطاحت به ثورة الشعب السوداني في ديسمبر عام 2018م، ببيان يستهدف تثبيت اخوانه الفارين. ومحاولة للتمسح الخبيث بالمعاني الدينية، إمعاناً في تضليل البسطاء المستنفرين، الذين تعتمد عليهم الحركة الإسلامية، ليقاتلوا نيابة عنها، حتى يهزموا لها الدعم السريع، ليعود كرتي واخوانه، ليكملوا ما ساروا فيه ثلاثين عاماً، من نهب أموال هذا الشعب الكريم.
بعد أن قرأ علينا علي كرتي الآيات القرانية، التي نزلت في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وشهدت لهم بالثبات والايمان، قال (الى المرابطين في ثغور السودان من أبناء القوات المسلحة وجهاز المخابرات والشرطة والمستنفرين إن العهد معكم ماض وإن البيعة لنصرة الحق في اعناقنا باقية فامضوا على بركة الله وكلنا معكم ثبات وثقة ويقين لا يتزحزح…) فإذا كان قد عاهد، وبايع القوات المسلحة، على نصرة الحق، فلماذا لم يظهر في ميدان المعركة؟ وهو حين يستشهد بالقرآن، الذي نزل في ثبات الاصحاب رضوان الله عليهم، ألا يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يتخلف من أي غزوة من الغزوات؟! لماذا تقول لهم امضوا على بركة الله، وكلنا معكم، وأنت لست معهم، ولا عمر البشير، ولا علي عثمان محمد طه، ولا نافع علي نافع، ولا احمد هارون، ولا عبد الرحيم محمد حسين؟ أين ابناؤكم ؟ لماذا سفرتموهم الى خارج السودان، وتدعون أبناء الآخرين، ليكونوا مستنفرين، تقدمونهم وقود للحرب، دون تأهيل، ودون تدريب، ودون سلاح ؟!
يقول علي كرتي ( إن ارادتنا لن يكسرها فقدان معركة فدماءنا وارواحنا نذرناها لله دفاعاً عن الأرض والعرض) ولولا أن علي كرتي يكذب على نفسه، وعلى الناس، لما قال ذلك.. لأنه يعلم إن هذه لم تكن أول هزيمة لهم، وليست هي اول معركة يفقدونها.
ثم كيف نذرتم دماءكم، وارواحكم لله، وانتم في مأمن، وتنعم، خارج البلاد؟ وهل فعلاً دافعتم عن هذه الأرض؟! ألم تحتل حلايب وشلاتين، وأنتم تحكمون، وفي يدكم كل الجيش والأمن والشرطة والدعم السريع نفسه؟! ألم تعجزوا حتى عن مجرد تقديم شكوى ضد مصر، لمجلس الأمن ؟! وهل أنتم حقاً تدافعون عن العرض ؟!
ألم يقم جيشكم باغتصاب 200 فتاة سودانية، في قرية “تابت” في دارفور، ثم حين أثار العالم قضية هتككم لعرض السودانيات، قال رئيسكم البشير (الدارفورية لو اغتصبها جعلي حقها تفرح) ؟! هل أنتم تحفظون العرض، ولديكم موظف في جهاز الأمن، شهد أمام محكمة أحمد الخير، بأن وظيفته أنه ” مغتصب” !!
يقول علي كرتي ( الى قيادة القوات المسلحة إن الفرص لا تتكرر وان التفاف الشعب حولكم رهين بمواقفكم معهم في لحظات المحن والابتلاء خاطبوا الشعب بالحقائق لا تتركوه نهباً للشائعات ومكائد المتمردين الذين يستهدفون اضعاف ثقة الشعب فيكم لينفض من حولكم)!! لقد كان الشعب السوداني يحترم قوات الشعب المسلحة، لأنه كان يظن انها درعه، ولم يكن يدري أنكم خلال ثلاثين عاماً، حولتم الجيش الى مسخ مشوه، يدين بالولاء للحركة الإسلامية، لا للوطن. وحين قامت الثورة، قرر الشباب الاعتصام أمام القيادة، لأنهم حتى ذلك الوقت، كانوا يظنون أن في الجيش شرفاء، اذا اشتدت المعركة، انحازوا الى شعبهم.. ولكنكم وجهتم عناصركم في القوات المسلحة، بفض الاعتصام بالعنف العنيف. واستعنتم معهم بكتيبة البراء بن مالك وغيرها، من كتائب الظل، فقتلتم الشبان والشابات، العزل، بوحشية ودون رحمة، وهتكتم أعراضهم، وحرقتم خيامهم، ورميتم جثثهم في النيل. وحين فروا من الموت مستنجدين بالقوات المسلحة، قفلتم في وجههم أبواب القيادة العامة. فهل يمكن أن يثق الشعب في القوات المسلحة، أو يلتف حولها مرة ثانية ؟! نعم !! اذا غسلت نفسها، من نجس الاخوان المسلمين، سبعة مرات إحداهن بالتراب.
لقد ختم علي كرتي حديثه، بالدعاء لله ليحفظ البلاد والعباد. وما دام علي كرتي حريص على هذا البلد، فإنا نريد منه أن يرجع إلينا، أراضي كلية الزراعة بشمبات، التي اغتصبها بغير حق، وهي من اوقاف المرحوم جابر أبو العز. نريد منه ان يرجع فندق الصداقة، الذي بيع له بثمن بخس، لا يساوي تكلفة طابق واحد، وهو منحة مقدمة للحكومة. نريد منه أن يرد للشعب مكتب البريد والبرق، بشارع السيد علي ببحري، مقابل للسينما الوطنية، لأنه مبنى حكومي، لا يصح أن يمنح للافراد. نريد منه أن يرد للشعب مصانع الاسمنت، في الدامر وبربر، التي بيعت له بأسعار رمزية، ثم شغلها، واحتكر له شراء الاسمنت، لكل الاعمال الحكومية. نريد منه أن يعيد للناشئين الأرض التي اغتصبها منهم، وبنى فيها مستشفاً خاصاً هو مستشفى الريان.
فإذا استطاع علي كرتي التغلب على رغائبه الدنيا، وتاب وأناب، وارجع هذه الأموال التي نهبها بغير حق، من الشعب السوداني، فإنه يمكن بعد ذلك، أن يدعو الله ليحفظ البلاد والعباد!! وإلا فإن كل كلامه لا يعدو أن يكون كذب على نفسه، وعلى الناس.
د. عمر القراى
20 ديسمبر 2023م
error: Content is protected !!