لا أحب أن يؤول أحد من الناس مراد هذه المقالات بأنه دعوة للقطيعة بين السودان ومصر فهذا لم يكن المقصود ولن يكون أبدا . ففى كل الأحوال مصر بلد جار ولكل جار على جاره حقوق يجب أن ترعى رغم العقوق . كما أن الذى يصلنا بأهلنا فى شمال الوادى أوثق وأحكم مما يباعد ويفرق .بيد أن العلاقات بين الشعوب لا تقوم على حسن النوايا فحسب بل لابد من أسس متينة يؤسس لها فى واقع الأحوال ، لتتقوى الصلات والعلاقات ولكن واقع الحال فى علاقات البلدين يهيىء للقطيعة ولا يمهد للتواصل الذى لا يمكن أن يتحقق وتتحقق فوائده إلا بالمعاملة الصادقة بين البلدين وهذا ما ظل مفقودا لعقود طويلة ألقت سوافيها غباراً كثيراً على المواقف والمشاعر بين مواطنى البلدين.
النظرة الإستعلائية هى آفة العلاقة:
زعمنا فيما جرى به القلم أن النظرة الإستعلائية التى ترمق بها النخبة المصرية السودان وأهله هى آفة العلاقة بين البلدين. فالسودان يأتى آخراً ولا يمكن أن يأتى أولا أبدالدى كل مصرى ، ولا بأس لو كان ذلك مقتصرا على المصريين أن يجعلوا مصر فى المقام الأول فهى وطنهم ولا بأس، مهما أدعوا أن السودان جزء من مصرهم ، فإن كان السودان جزء لا يتجزأ من مصر فهو لا شك يشارك شمال الوادى مقعد الأولوية هذا ، ولكن ما يقال ليس هو التعبير الأصدق عن ما يُفهم ويتُصور، فالسودان لدى النخبة المصرية ليس جزءاً من مصر بمعنى الكينونة الواحدة والهوية المتحدة بل هو جزء مما تحوزه مصر لا جزء مما تكونه مصر.وقد فصلنا فى مقالنا السابق موقف النخبة المصرية من قضية حلايب وكيف يكشف الموقف الرسمى المصرى وموقف النخبة السياسية المصرية تلكم النظرة الاستعلائية تجاه السودان .ووعدنا أننا سنجىء فى هذا المقال إلى تفصيل الموقف المصرى تجاه السدود والزراعة النيلية فى السودان وكيف يكشف هذا الموقف المضطرد النظرة الدونية التى لاترى السودان فى منظور أفقى بل تراه رأسيا من أعلى إلى أسفل . وأعجب ما في الأمر أن الواقع الجغرافى يجعل السودان صعيداً أعلى ومصر هى السفلى ، وإلا لما أنحدر إليها النيل الذى هو سبب الحياة والبقاء فى منحدر واديه فى الشمال.ورغم أن النيل يتدفق من الجنوب إلى الشمال والحضارة تنصب من الجنوبإلى الشمال بشاهد الآثار المكنونة، فإن العقيدة التى لا تتزحزح فى مصر أنها أولى بالفخر بالحضرة من مصادرها وأولى بالإستحواذ على النيل من أقطار منابعه ،وأنها يجب أن تأخذ منه حتى تكتفى ثم يتاح للآخرين أن يأخذوا ما تفضلت به مما فضل وهم شاكرون .وهذا بالضبط هو مضمون ما تسميه مصر إتفاقية 1929 التى لاتعدو أن تكون تفاهما بين بريطانيا الاستعمارية وبين مصر الخاضعة لإحتلال بريطانيا هى الأخرى.وهو عطاء من لا يملك لمن لم يثبت له إستحقاق فى غياب سائر الفرقاء. وسوف نأتى لتفصيل ذلك بإذن الله.
السدود فى السودان والموقف المصرى منها:
إذا ذكرت الأنهار لابد من ذكر السدود فالسدود والخزانات هى سبل ترويض الأنهار الجامحة لكى يسلس قيادها، فيستفاد من عطائها فى المواسم المناسبة للحرث والزرع.وإقامة السدود على الأنهار عريق فى تاريخ البشرية وتاريخ نهر النيل . بيد أن تقانة تشييد السدود قد تطورت مع تطور سائر صناعات البناء والتشييد.ولاشك أن نهر النيل عرف أنواعاً من محاولات ردم مجراه بالصخور لتبطئة مساره حتى يستفاد من مائه الجارى فى الرى ،ثم أن التقانة إرتقت من مجرد الردم بالصخور إلى السدود وتحويل المسار وتخزين المياه فى خزانات تصغر أو تكبر.
وقد كان خزان أسوان أول السدود بشكلها العصرى عللى نهر النيل وقد جرى تشييده فى الفترة مابين 1998 و1902 . وكان بُنى لتخزين مليار متر مكعب من الماء وقد بنى فوق صخور مايعرف بالشلال الأول ، الذى كان وسائر ما يعرف بالشلالات فى النيل محاولات سابقة لتبطئة تيار النيل الجارف . وقد تمت تعلية خزان أسوان القديم عدة مرات قبل إستبداله بالسد العالى ، والذى هو أكبر السدود على النيل ويحجز ما مقداره 184 مليار من الأمتار المكعبة من المياه.وأما فى السودان فقد ترافقت فكرة إنشاء خزان لرى سهل الجزيرة مع فكرة إنشاء خزان أسوان القديم وكان صاحب فكرة الخزانين السير وليام جارستن مستشار وزارة الأشغال البريطانى فى مصر .وربما كانت فكرة زراعة القطن فى سهل الجزيرة واحدة من حوافز تشجيع فكرة إستعادة السودان فزراعة القطن لم تكن غريبة في السودان فقد ذكر الرحالة بونسيه الذي زار سنار سنار 1699 م أنه وجد فيها تجارة رائجة في تصدير القطن إلى المدى الذى دفع سلطان سنار إلى التعاقد مع ملك الحبشة على إقامة نقطة له عند حدود الحبشة مع السودان لتحصيل العوائد على القطن المصدر للحبشة واقتسامها مناصفة بين المملكتين , كذلك فإن الرحالة بركهارت الذي زار شندي في سن 1814 م،كتب أن أهم صادرات سنار كان قماش الدمور المصنوع من القطن وأن مغازل ونسيج سناركانت تمد بلداناً كثيرة فى شمال أفريقيا بما تغزل وتنسج .فكانت فكرة تأسيس زراعة مروية للقطن فى السودان لاتبرح يصرح بها فى بريطانيا لتغذية مصانع النسيج بها بالقطن الجيد. ثم إنتقلت الفكرة غلى حيز التحضيرات عندما أعد اللورد كرومر قنصل بريطانيا العام تقريرأ فى العام 1904 أيد فيه فكرة ري أراضي الجزيرة واستغلالها في زراعة القطن . وكانت بريطانيا واصلت زراعة القطن فى طوكر وفى بعض أجزاء ولاية نهر النيل الحالية فى الزيداب وكانت زراعته بها بدأت على عهد الحكم التركى ثم بدأت حكومة السودان تنقل الفكرة إلى حيز التنفيذ العملى عندما شرعت بعمل مسح جيولوجي لأراض سهل الجزيرة ثم قامت في عام 1909 م ببناء خط للسكة الحديد من سنار إلى الخرطوم تبعه بناء خط آخر من سنار إلى كوستي على ضفة النيل الأبيض الغربية ، ومنها نحو مدينة الأبيض في كردفان. وفي أثناء ذلك بدأت الحكومة بإجراء تجارب زراعة القطن فأقامت فى عام 1911 محطة طلمبات وحفرت قنوات للري تأخذ المياه من محطة الطلمبات لريّ ثلاثة آلاف فدان تم التوسع فيها لاحقا لتصل إلى خمسة آلاف فدان. كانت هذه المشروعات تزعج الحكومة المصرية التى خشيت من توسع بريطانيا فى زراعة القطن فى السودان لتموين مصانع لانكشير بالقطن السودانى الذى عرف بجودته .وكان سبب الإنزعاج المصرى أن توسع زراعة القطن فى السودان سوف يشكل مهدداً ومنافساً خطيرا لزراعته فى مصر ، وكذلك فإن زراعته بالرى من مياه النيل سوف يشجع للتوسع فى إستخدام مياه النيل التى تريدها مصر إحتياطيا لنهضتها الزراعية ولا تريد أن يتوسع فى السودان إستعمال كبير لمياه النيل يصبح بمرور الوقت حقاً مكتسباً فى الرى من النيل. وقد قررت حكومة السودان (أى حكومة الإستعمار الثنائى ) تشييد السد وطلبت من الحكومىة المصرية ضمان القرض الخاص بذلك وقدره 33 مليون جنيهأ مصريا، فرفضت الحكومة المصرية ليس فكرة التمويل فحسب بل فكرة إنشاء السد نفسها، مما أضطر الحكومة إلى عقد إتفاقية مع الحكومة المصرية مشروطة بشروط عديدة من بينها إقامة سد مملوك لمصر فى السودان تنفرد بإدارته والسيادة على موقعه وشؤونه الإدارية وهو سد جبل أولياء الذى سوف نتطرق إليه وإلى شروط إنشائه فيما يلى من إستعراض للتاريخ .وعلى الرغم من إتفاقيتها مع حكومة السودان رفضت الحكومة المصرية ضمان قرض خزان سنار فأتجهت الحكومة إإلى بريطانيا الشريك الأول في حكم السودان لضمان القرض من الحكومة البريطانية التى وافقت على ضمان القرض فهى المستفيد الأول من التوسع فى زراعة القطن فى السودان وصادق البرلمان على ضمانه . بيد أن ظروف الحرب العالمية الأولى حالت دون البدء فى تشييد السد واستأنفت التحضيرات للبناء بعد انتهاء الحرب وبدأ البناء لينتهى فى العام 1925 ويفتتح السد فى العام 1926مفتتحا بذلك صفحة إضطلع فيها ما سمى بمشروع الجزيرة بدور مهم فى إقتصاد السودان.وقد أخذ المشروع أسمه لأنه أريد له التوسع المستمر فى المناقل فى المرحلة الثانية وفى منطقتى الرهد وكنانة فى مرحلة تليها وكان حرص حكومات السودان على التوسع فى المشروع يصادف مقاومة هائلة من الجانب المصرى ومع تغير الحكومات هنا وهناك لم يتغير الموقف المصرى ولم يتبدل تبديلاً.
الخزان المصرى فى تراب السودان:
وأما خزان جبل أولياء فقد إكتمل إنشاؤه في عام 1937م، وظل تحت الإشراف الفني والإداري للحكومة المصرية التي قامت ببنائه في السودان وفق اتفاقية بقبول قيام خزان سنار حتى تحفظ حقها في مياه النيل كما تقول دون أي تدخل من حكومة الحكم الثنائي أو الحكومات الوطنية بعد استقلال السودان.، وظل الخزان يمثل خط إمداد ثاني للمياه في مصر ، إلى ان زالت اهميته لمصر بعد قيام السد العالي وتم تسليمه إلى حكومة السودان في عام 1977 م، ليُستفاد منه في رفع منسوب المياه في المناطق أمام جسم السد وخلفه حتى يمكن ري مشاريع النيل الأبيض الزراعية . وقد شملت شروط إتفاقية قبول سد سنار إلى جانب إنشاء سد جبل أولياء شروطا شملت وضع قيود زمانية لإستخدام السودان لمياه النيل تمنعه من إستخدام مياه النيل فى الرى بصورة مكثفة بين شهرى يناير ويوليو وجرى تضمين هذه الشروط فى تفاهم 1929 بين حكومة السودان الاستعمارية وحكومة مصر. وتم الإستحواذ على أراضى الأهالى الزراعية لإقامة الخزان ولم يتلقوا غلأ تعويضاً بائساً لم يتجاوز مبلغ سبعمائة وخمسين ألف جنيه إسترلينى دفعت بريطانيا لتسهيل إقامة الخزان المصرى فى الأراضى السودانية المأخوذة قسراً من أصحابها.وقد سمحت حكومة الإستعمار الثنائى للحكومة المصرية بإقامة محطات للرى للمصرى فى أنحاء متعددة من السودان فصارت تلكم المحطات أشبه بمناطق منزوعة السيادة وذلك كله ليشكل ضمانات على أولوية الحق المصرى فى مياه النيل. وظلت مصر الرسمية تتحسس من أى مشروع زراعى ذى جدية ينشأ أو يُفكر فى إنشائه ليُسقى من مياه النيل.وأما خزان جبل أولياء التى إلتزمت مصر فى إتفاقية 1959 بتسليمه للسودان مباشرة بعد إنتهاء بناء السد العالى والذى جرى إفتتاحه فى العام 1971 فلم يسلم لحكومة السودان إلا فى العام 1977 وأصبح التصرف فيه معضلة لأن الناتج الكهربائى منه لا يبرر الإبقاء عليه على الرغم من أنه يساعد فى توفير مخزونات المياه لدعم التوليد فى خزان مروى ولكن هذا الدور سوف يتقلص بعد إكتمال بناء سد النهضة الأثيوبى ويبقى أن التبخر فى بحيرة السد يسبب خسارة فى المياه يقدرها البعض بمليارى متر مكعب فإن كان ذلك كذلك فإن فكرة إزالة السد لتوسيع الأراضى الزراعية فى منطقة بحيرته لا تبدو فكرة شاطحة فهو فى كل الأحوال بناء لم يشيد إلا لمصلحة بعض الجيران .
خزان خشم القربة التعويضى:
والسد الوحيد الذى لم تعترض على إنشائه الحكومة المصرية هو خزان خشم القربة الذى أنشىء لرى المشروعات الزراعية للمهجرين من النوبيين وهو من أصغر السدود على واحد من فروع النيل هو نهر عطبرة . وقد صمم لتخزين مليار متر مكعب فقط ،وما لبث أن تناقصت قدرته على التخزين بتراكم الطمى فى بحيرته ما أفشل غالب مشروعات المهجرين الزراعية. ولربما يسئل السائل لماذا جعلت قدرة التخزين محدودة إلى هذا القدر التى تساوى قدرة خزان أسوان القديم فى العام 1898. والراجح عندى أن السبب هو إلإعتراض المصرى على توسيع قدرة الخزان ، رغم العلم بمشكلة الإطماء ، ورغم أنه أنشىء لتعويض المهجرين بسبب قيام السد العالى . فمصر الرسمية لم تكتف بعدم تعويض المهجرين التعويض الكافى بل لاحقت سبل كسب عيشهم فى مهجرهم الجديد . وللتعويضات قصة أخرى أسهب فى تفصيلها الكاتب والإدارى حسن دفع الذى أشرف على تهجير أهل حلفا إلى حلفا الجديدة بصفته ضابطاً إداريا فى حلفا.وقد طالب السودان بتعويض قدره خمسة وثلاثين مليون جنيه مصرى لإكمال الترحيل والبناء والتعويض على المغروسات والمزروعات وتمسكت مصر بدفع مبلغ عشرة مليون جنيه مصرى زادها عبد الناصر تفضلاً غلى خمسة عشرة مليون بينما بلغت تكاليف التهجهير والبناء وتوفير سبل كسب العيش ما يقارب الأربعين مليون جنيه مصرى دفعها دافع الضرائب السودانى بلا كلمة شكر واحدة ممن إستفاد ولم يمنح السودان كيلو وات واحد من الكهرباء التى ولدها السد العالى بل أن مصر الرسمية التى إستدعت العالم كله لإنقاذ آثار النوبة فى مصر لم تفعل شئىا يذكر لإنقاذ آثار النوبة فى السودان.
خزان الروصيرص يدخل موسوعة جينس:
ذكرنا أن الإدارة البريطانية لرغبتها فى التوسع فى زراعة القطن رغبت فى توسيع مشروع الجزيرة ليشمل منطقة المناقل ومنطقتى كنانة والرهد فى مرحلة لاحقة . ولذلك فقد بدأ التفكير جدياً رغم المعارضة المصرية التفكير فى بناء خزان فى منطقة شمال الدمازين فى الروصيرص يبدأ بسعة تخزينية مليار متر مكعب وكان هذا فى العام 1952والفكرة إحياء لإقتراح سير وليام جارستن صاحب فكرة خزان سنار بأن يقام خزان آخر فى هذه المنطقة من النيل الأزرق.وعهد لشركة فرنسية بوضع الخطة فصممت خزاناً ينفذ على مرحلتين المرحلة الأولى بقدرة تخزين ثلاثة مليار متر مكعب والثانية بقدرة تخزين سبعة ونصف مليار متر مكعب ورؤى أن المرحلة الأولى ستمكن من توسيع مشروع الجزيرة غلى المناقل بينما تتيح المرحلة الثانية توسيعه إلى مناطق كنانة والرهد.كما جرى تصميم السد ليولد كهرباء هيدرولكية رخيصة التكلفة لإمداد الشبكة القومية بالكهرباء.كان الخزان مشروعا يشكل قاعدة مهمة لقطاعى الزراعة والطاقة والتى تفتح فرصا لتطور الصناعة فى السودان بيد أن مصر الرسمية لم يكن فى ما تحسب مصالح السودان لاسيما تلكم التى ترى أنها تتعارض مع مصلحتها فى توفير مياه النيل لصالح أهل شمال الوادى .كانت المعارضة المصرية طوال العهود لبناء سد الروصيرص معارضة هائلة جيشت لها كل العلاقات الدبلوماسية والإقتصادية والإستخبارية للحؤول دون قيام السد أولاً ثم للحؤول دون تعليته فى المرحلة التالية. ودخل موضوع سد الروصيرص مفاوضات قسمة مياه النيل بين البلدين وصار البند الأهم من بنود تلكم المفاوضات ولسنا فى حاجة للإستطراد فى شرح كم كانت تلكم المفاوضات طويلة وشاقة فقد كفانا الدكتور سلمان محمد سلمان ذلك فيما إستفاض فى شرحه فى سلسلة مقالات كتبها عن خفايا تلكم المفاوضات ولكن ما يناسب حديثنا ههنا أن حرص حكومة السودان على عهد الحكم الثنائى ثم الحكومات الوطنية كان منصبا على توسيع المساحة المروية من مشروع الجزيرة للتوسع فى زراعة القطن فيه ،وكانت بريطانيا وهى تغادر تريد ضمان وصل الإقتصاد السودانى بالبريطانى وصلا لا فكاك له بالتوسع فى زراعة القطن وكان هدف الحكومات الوطنية من بعد هو التوسع فى زراعة القطن ثم حلجه وغزله ونسجه كما كان يحصل فى السودان حتى قبل قدوم محمد على باشا مستعمرا للسودان. وكان إنشاء خزان الروصيرص هو السبيل إلى تحقيق ذلك ولكن مصر لم تقبل بقيام المرحلة الأولى إلا بعد أن صار قيام الخزان جزءاً من إتفاقية 1959 لإقتسام مياه النيل والتى جاءت إعتمادا على الحقوق المكتسبة أى تقسم الموارد المائية بناء على الإستخدام الفعلى وحتى تلكم التى لم تستخدم تقسم تناسبا مع ماسمى بالحقوق المكتسبة فالذى أخذ من قبل يأخذ أكثر والذى لم يأخذ يأخذ أقل ومهما يبدو من إجحاف فى هذه المعادلة فإن حكومة السودان رأت أن الأمر العاجل هو الحصول على الموافقة المصرية على قيام الخزان بمرحلتيه ورغم حدوث الموافقة وإكتمال بناء المرحلة الأولى فى العام 1966 إلا أن مصر إجتهدت فى منع حصول السودان على تمويل من البنك الدولى أو أى ممول آخر لكى لا يتمكن السودان من تحقيق المرحلة الثانية التى هى تعلية الخزان ولم تحقق المرحلة الثانية فى بناء السد إلا بعد سبعة وأربعين عاما من إنتهاء مرحلته الأولى ليدخل موسوعة جينس لأطول مدة بناء سد من السدود، وهذا الدخول لموسوعة جينس إنما يعزى الفضل فيه لجارتنا العزيزة فى شمال الوادى.وقد يسئل سائل لماذا لم نتحدث عن خزان مروى والإجابة أولاً ان ما بذلته مصر لتعويق بناء التعلية هو ما فعلته لتعويق بناء سد مروى وما تبذله لمنع بناء السدود الأخرى المخطط قيامها على الشلالات بدءا من السبلوقة إلى دال وكجبار و سوف نتطرق إلى ذلك فى الحديث عن الموقف المصرى من الزراعة المروية بمياه النيل
نواصل فى حلقة قادمة
مصر الرسمية وعقدة الزراعة فى السودان
د. أمين حسن عمر
مقالات د. امين حسن عمر>>
error: Content is protected !!