على ذات النمط وبذات طريقة غالبية السودانيين الذين يفاجأون بأن (بكرة العيد)، فيسرعون بعد مغرب (يوم الوقفة) إلى الأسواق، ويتكدسون على محلات الحلويات والخبائز والستائر، والخياطين، والحلاقين، بذات المنهج والثقافة يجتمع المكتب القيادي للحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) ليلة كل تعديل وزاري، فيسهر أعضاؤه من التاسعة مساءً وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، ويساهرون بنا – نحن الصحفيين – وبعشرات الآلاف من المتابعين والمشفقين على مصير الوزراء ووزراء الدولة والولاة والمعتمدين من عائلاتهم وأصدقائهم وأبناء قبائلهم!! الغالبية من الشعب السوداني تنام باكراً .. لا تشعر أن الأمر يهمها كثيراً .. وأنه لا فرق بين “إبراهيم أحمد عمر” و”إبراهيم غندور” و”إبراهيم محمود”!!
وهذا لعمري مؤشر لإحباط ويأس وزهد في التعاطي مع الواقع والعمل السياسي، وفي كل الأحوال هو ليس بشارة خير .
ما يهمني هو السؤال؛: هل تفاجأت قيادة الدولة بأن الرئيس سيخوض الانتخابات، وأنه سيفوز، وأنه سيؤدي اليمين الدستورية يوم كذا شهر كذا ؟!!
بالتأكيد لا .. فجميع المسؤولين كانوا يرددون قبل شهر أن الرئيس “البشير” سيؤدي القسم يوم (2) شهر (6) .. فما الذي كان يمنع أن يجتمع المكتب القيادي يوم (20) شهر (5) – مثلاً – لينظر في ترشيحات الحكومة الجديدة، على الأقل في ما يتعلق بوزراء (المؤتمر الوطني) ؟!!
في بدايات عهد (الإنقاذ) .. عندما كان (التنظيم) هو الحاكم، وكان للحزب سطوته ونفوذه، كان العضو المرشح لوزارة أو ولاية أو رئاسة محلية أو إدارة مؤسسة اقتصادية، يعرف أنه سيتولى المنصب المحدد قبل (شهرين)، وليس بعد اجتماع المكتب القيادي وقبل أداء القسم بساعات!!
في السنوات الأخيرة، يمكن أن يتم إخطار المرشح بأنه سيكون وزيراً للوزارة الفلانية، أو رئيساً للمجلس الفلاني أو مديراً للهيئة العلانية، وفي اليوم التالي من إبلاغه يتم الاعتذار له بأن الاختيار وقع على مرشح آخر .. في اللحظات الأخيرة !! هاردلك !! احتسب يا أخي !!
لماذا لا يجتمع المكتب القيادي صباحاً، ليس من أجل سواد عيون الصحفيين، ولكن حفاظاً على صحة أعضائه من قيادات الدولة، وكثير منهم – حفظهم الله – مصاب بأحد أمراض العصر؟! من أين جاءت فكرة اجتماعات (آخر الليل)؟
لقد مضى عهد (التنظيم السري) واجتماعات (بنك … الإسلامي) ومنظمة الدعوة الإسلامية .. ومعسكرات “العيلفون” .. نحن الآن في عهد شفافية كاملة .. في زمن دولة مفتوحة للجميع .. وحزب متحالف مع عشرات الأحزاب .. دولة تدار في وضح النهار ولا شيء فيها يدعو للاختباء .. إذن لماذا لا يجتمع المكتب القيادي في العاشرة صباحاً بدلاً من العاشرة ليلاً ؟!
لا تقولوا لنا إن الكثير من الأعضاء وزراء ودستوريين وهم مشغولون نهاراً في الحكومة، ورغم أن ذلك ابتداءً خطأ .. أن يجمع شخص واحد بين الأمانة والقطاع والوزارة، فلا شك أن بعض الوزراء يغيب عن مكتبه أسبوعاً وأكثر كل (شهر) في رحلات خارجية، فماذا يضير لو أنهم غابوا لثلاث ساعات كل أسبوع في اجتماع بالغ الأهمية كاجتماع القيادي الذي يفترض أنه يقود الدولة ؟!
لا ترهقوا أنفسكم أكثر مما ينبغي في اجتماعات الليل، فتخرج القرارات والتعيينات على طريقة (دفن الليل أب كراعاً بره)!!
2
مع احترامنا وكامل تقديرنا لأدب وتهذيب وخلق المهندس “إبراهيم محمود”، فإننا سنظل نتساءل كثيراً وطويلاً: كيف .. ولماذا .. وعلى أي أساس تم ترشيحه لموقع نائب رئيس الحزب الحاكم مساعد رئيس الجمهورية ؟!!
أموت وأعرف السبب .. والمنطق .. حيث لا سبب وجيه .. ولا منطق مقنع .
سينبري لنا غداً (المبرراتية) باليومية والمقطوعية .. يرددون المحفوظات المكرورة .. (لا شك أن القيادة لها أسبابها .. ولديها المعلومات .. وهي تعرف أكثر …)!!!
نحن أيضاً لدينا معلومات .. قد انتهى للأبد .. زمن احتكار المعلومات .
وسواء أجيز الترشيح أو تم إسقاطه بقوة .. فإن الأسئلة ستظل مرفوعة: (من؟ كيف؟ و لماذا؟).
الهندي عزالدين
المجهر السياسي
error: Content is protected !!