ما أعلنه نائب رئيس الجمهورية السيد “حسبو محمد عبد الرحمن”، أمس الأول، عن ترحيب الحكومة والمؤتمر الوطني بعودة زعيم حزب الأمة القومي الإمام “الصادق المهدي” للبلاد دون قيد أو شرط، هو عين الحكمة وكل المنطق، وهو تراجع للحق جدير بالإشارة.. والإشادة.. والتنويه.
ورغم أنها خطوة تأخرت عدة شهور، لكن وكما يقول المثل أن تأتي متأخراً خير من أﻻ تأتي. فقد ظللنا طيلة الأشهر الأربعة الماضية ننادي عبر هذه المساحة بالتعقل والتروي في ردة الفعل (الحكومية) تجاه (إعلان باريس)، وتداعياته، والنظر بواقعية وتدبر إلى خيارات رجل بمكانة وقيمة “الصادق المهدي” الذي وجد نفسه ودون مقدمات محشوراً في معتقل لمدة شهر، عقاباً على حديث أطلقه في ندوة أو منبر إعلامي، وكان يردد مثله على مدى أكثر من عشر سنوات عقب عودته للبلاد في عملية (تفلحون) وتوقيعه مع الرئيس “البشير” اتفاق (نداء الوطن) في جيبوتي في العام 2000.
ماذا كنتم تتوقعون منه بعد هذه (الصدمة).. وكان معكم أحد ركائز الحوار الوطني من مبتدئه ومنذ تشكلاته وتمظهراته الأولى عبر جولات حوار (الوطني – الأمة) التي إن لم تنته بالشراكة السياسية والتنفيذية، فقد أفضت إلى حالة من التهدئة والاستقرار السياسي بالبلاد خلال (عشرية) الإنقاذ الثانية؟!
لكن البعض في الحزب الحاكم لا ينظر إلا تحت أقدامه، متراً أمامه ومتراً خلفه، وشعارهم: ( يركب معانا.. ولا ما معانا)!!
هؤلاء تعودوا على مفاوضات مع أحزاب مبلغ همها: (وزارتان، رئاسة لجنة في البرلمان، وزير ولائي أو معتمد رئاسة) !! أحزاب لا عنوان لها.. ولا بريد إلكتروني.. ولا نائب رئيس ولا مكتب سياسي ولا ناطق رسمي، ولا حاجة لها لتنطق أصلاً سوى بعبارات التأييد والمباركة عند الحاجة والضرورة!!
كل الوقت الذي تم إهداره في المماحكات وإطلاق التصريحات والتهديدات للسيد “الصادق” بالاعتقال والمحاكمة حال عودته، بل والقبض عليه بالإنتربول الذي لم يساعدنا يوماً في القبض على عتاة المتمردين من حملة السلاح!! كله وقت مخصوم من عمر الشعب السوداني المسكين الذي تطاولت به مواسم (الخريف)!!
لقد نصحناهم قبل (4) أشهر، فلم ينتصحوا إلا ضحى الغد، وليتهم يعقلون بعد غدٍ طويل!! لماذا تتركون السياسة لمسؤول الحزب البروفيسور “غندور”؟؟ لماذا لا تفسحون له المجال ليعمل عمله وتتفرغون لـ(عواساتكم) الأخرى؟؟ ولو فعلتم لأنجز حواراً ووفاقاً وسلاماً مستداماً.. لكنكم كلما حاول، هزمتم فكرته وعطلتم مشروعه (التصالحي) الكبير.
مرحباً بالسيد الإمام “الصادق المهدي” في وطنه.. ودياره وسط أهله.. وجمهوره، ولا أهلاً.. ولا مرحباً بأحزاب (الفكة) من بقايا حزب (الأمة) وغيره.
المجهر السياسي
error: Content is protected !!