وكالة سودان برس

sudanpress وكالة سودان برس

المكتبة الإلكترونية

رواية كنو ابن النهر – حسن بكري

اسم العمل : كنو ابن النهر
النوع : رواية
تأليف : حسن بكري
مراجعة لغوية : أحمد سراج
تصميم الغلاف : حكيم صالح
إخراج داخلي : طارق عبد العليم
الطباعة : مطبعة أتيليه تاتش – المحروسة
الناشر : الدار للنشر والتوزيع
المدير العام : محمد صلاح مراد
تليفون : 01125800467
بريد إلكتروني : eddar_press@yahoo.com
الموقع على الإنترنت:www.geocities.com/eddar_press
رقم الإيداع :
الترقيم الدولي : I.S.B.N
كنو ابن النهر
رواية
تأليف
حسن بكري
2014
الدار للنشر والتوزيع
إهداء
إلي روح بهنس
في جنات البرد
تفرش الرمل
لاستقبال
المحبوب شديد
محجوب شريف
حسن بكري
إرهاص
الأول في الفصل كنو…
والوحيد الذي يتغيب
بأستمرار من المدرسة كنو…
العابث بالألواح في الخلوة كنو…
والوحيد الذي لا يضربه الشيخ كنو…
سارق البطيخ كنو…
متلف المزارع كنو…
قاتل الكلاب كنو…
معكر صفو القرية كنو…
والوحيد الذي يفرحها كنو…
فهو من يحرز الأهداف في مباريات كرة القدم
من ينقذ الغريق..
ومن يردع سيد اللبن
أبغض الناس لأهل القرية…
وأحبهم إليهم…
كنو ابن التناقض…
ابن النهر.
نبوءة
أرح نلعب عريس وعروس يا كنو…
ما بحب اللعبة دي يا نعمات.
انا بحبها ياخ… عليك الله
تقترب من الجدول
بجيب ليك الطين… انت أعمل العرايس
كنو
أيوة
ليه كل مرة لمن نجي ماشين بتطعن العروسة بالمسمار وبتكسرها… مش قلت ليك أنا بلعب بيها في البيت؟
ما بطعنها أنا يا نعمات بطعنوها الناس.
الناس منو؟
ناس القرية
ها ها ها ها
مجنون انت!!!
انت بتكسرها… وتقول لي ناس القرية؟!
والله ده ما أنا.
أخرجها بعد عناء
تنفس
لف خاصرتها بكلتي يديه
سقطت منه……
وأخذت طريقها للنهر
سب الصيد..
وعقيدة السمك..
جدع السنارة
وفات اشترى عرقي بالدين.
ماهرًا في لعبة كرة القدم لكنه عجز عن محاورة
ضنك العيش
فخرجت احلامه متسللة
صامت
يحمل كل ملامح النزف
مترف الحنين
متسخ الثياب
أنقى ما تكون دواخله
يضحك
فتطل اسنانه بيضاء
بياض لم يخصم التمباك منه شيئًا
تعرفه من مشيته..
مترنح الخطو
ثاقب النظر…
لا ينطق إلا بالحق…
وكثيرًا ما تخونه العبارات
ذنبه أنه عاش في بلدة لا تقدر المواهب
تدرج كنو بخطوات ثابتة نحو الوراء..
حتي اضحى كأول البشر
احيانًا يستبدل السمك بالعرقي
وحينًا بحضن فتاة
وقليلاً ما طهى لنفسه من صيده شيء
مولعًا بالأطفال
يمازحهم بوعيه الغائب…
يغير أسماء بعضهم!
ف محمد ابن مدير المدرسة كان يناديه كنو بنميري
وداليا ب تيري وهكذا
ربما لشيء في نفس الصياد
ينادونه بعم كنو في ظل مجتمع اطلق عليه اسم السكران
يحترمونه على غير عادة أهل الريف
ولا يمنحهم سوى ضحكة تشبه خطوه المترنح
فيردوها بأحسن منها..
كثيرًا ما عانده النهر…
فعاند هو الأقدار
يستبدل سنارته بالمنجل…
يقتحم نباتات النهر
يحصد ما تيسر من (برمبيطة)
فحزمة واحدة كبيرة تكفى مسحوق ايسر حالة منه
لبناء (راكوبة) وتمنح كنو ثمن زجاجة (العرقي)
وكأنما كتب الله عليه أن يحيا بجوار النهر
لا يجيد حياة اليابسة
كان له طريق باسمه
وجسر صنعه من شجر النخيل
ليعبر الترعة الصغيرة التي تفصل بين القرية (وكمبو
دحانسير) حيث بيت العرقي..
يحبه أهل الكمبو رغم شجاره المتكرر معهم
فهو صاحب الفضل في اختصار سيرهم من
وإلي القرية بالكبري الذي صنعه لنفسه في حقيقة
الأمر وقد أحسنوا
استغلاله.
في (صهريج) القرية وفي (الطاحونة) وأعمدة الكهرباء
حديثة المنشأ رسما تعرف من نهديه أنه لفتاة
وبخط كوفي رائع يوقع كنو بالأسفل نعمات
لأجلها رسم ولأجلها يداعب الأطفال
يمازحهم يرى في كل واحد فيهم نعمات
ولأجلها يكره ابناء ذاك الحي فكثيرًا ما ضرب بأيديهم
لا يقاوم يردد.. “ماتت عشان ما بتشبهكم”
يضحك…
يضحك حد ان يسقط لا ثملاً بل لأنه لا طاقة له بالضحكة
فمثله قد يكتفي بابتسامة واحدة مدى العمر
ماتت نعمات وهي بنت العاشرة..
طفلة تشبه روح الرحمن
تجلس بجوار كنو في الفصل
يحبها الطفل الأسمر وتعشقه حد السمرة
يضربها والدها كلما رآها معه….
فالقرية انساب
وبيوت كبيرة وأخرى منسية
واباها لا يعجبه أبن المنسيين
لا يعجبه ان تجلس طفلته بجوار
الأسمر ان تلهو معه ان تمنحه (القنقليز بالشطة)
ويمنحها السمسمية
أطفال لا ذنب لهم سوى بشرتهم..
يصنع كنو مزمارًا من البوص
يمنحه نعمات..
وكلما ضربت من أباها اهداها آخر
كان أفضل من يصنع المزامير و(عربات الصفيح)
فحاذ بذلك على اعجاب صغيرات القرية
إضافة لطوله الفارع ورشاقته التي جعلته الوحيد
الذي يستطيع ان يربط حبل (شرنقت)….
في ذات صباح وخضابها في يدها
جلست نعمات وقطيع من أطفال القرية
تلبس أزهى ما تملك
وضفائرها خلف الظهر
بثوب ابيض….كملاك صغير
لفو على يدها (الحريرة) ذات الخرزة الزرقاء و الخيط الاحمر
و(جدله) بجنيهات ذهبيه زادت وجهها توهج
جلست يحفها الصغار
فللختان في القرية حكاية
هو كم العرس ضجيج..
تدخل (الداية)…
تشق الزغاريد الطريق، يدخل إبليس في حاشية
من الهوس بالطهر فيزين جهلهم بالطهارة
وبين مشرطه وجهل القرية
تنزف نعمات
تنزف
تنزف
كل الجهل يسيل دماء
تجحظ عيني الطفلة
فتنادي كل طيور الارض
العاب الطين..
بوص المزمار…
عقلاء الكون
الطهر
العار
الحب
الزيف
تصرخ… تصرخ
ثم تموت
وكنو لا زال يمنى الروح بذات عناق
يكره جدًا بيت الورثة الذي تسيطر فيه
الدكتورة على الأشياء
الدكتورة هي اخته الصغرى
يكرهها كنو…
ربما لبشرتها البيضاء
تعمل في نظافة المستشفى
سماها أهل القرية بالدكتورة… لأن خصرها
لا يليق بعاملة نظافة
هكذا يفكر أهل القرية
ويكرههم كنو
هو لا يهوي غير النهر والأطفال
يحكى ان اباه مات على يد زوجته الصغرى
ولا يعرف أحد عن أمهم شيء
خرج من المدرسة رغم نبوغه لأن أباه
يحتاجه في ورشته الحدادة وهو المولع بالتعليم
يضربه
بلا قراية بلا زفت اقعد اتعلم ليك (صنعه) تنفعك
ويظهر ذلك جليًا في كدمات بوجه الصياد
ويؤكده اصبعه المبتور
تدمع اعينه كلما رأى الصبية عائدين من المدرسة
ينظر لوالده
فيردد داير تطلع (خايب) زي ديل
والذي يذهب للدرس خايب في نظر بعض أولياء الأمور
يهرب للمدرسة فيعيده احد (العرصين)
هكذا يسميهم كنو
سئم من الأمر فهرب من والده
اختار النهر حيث ينام…… يشرب
وملابسه تغسل
يعيش على السنارة والمنجل
وبين سمكة يبيعها وبرمبيطة انحصرت احلام الأسمر
يأتيه الصبية حين تكون لهم مباراة في كرة القدم
فيمارس عشقه الذي يحب وهكذا حتي مات
أبوه…
حضر الدفن ولم يشهد احدهم دمعته
عزوه الناس..
وكانت آخر مرة يصافح فيها كنو أهل القرية
وقد شوهد يبصق في قبر ابيه
بعد الدفن…
حسب رواية باكاش
سيد اللبن…
انتظر حتي عاد الناس من الدفن فجلس
علي قبر نعمات..
ظل يرفع التراب حتي بدأ وكأنما دفنت الآن
ذهب ناحية النهر
عاد يحمل جريد النخل…
وبعض زهور الجهنمية وضعهم على قبرها
ليخفف عنها الشوق ومع غروب الشمس شوهد
يهمهم بكلام غير مفهوم
ويصلي بجوار القبر
لا يفارق النهر إلا ليعود..
يغني لـ وردي وعبد الحليم حافظ
ويصرخ عند سماعه محمود عبد العزيز
لا يعرف له صديق..
صامت
في المدرسة
في الورشة
ومع فريق كرة القدم
لا ينطق بشيء
حتي عند احرازه الأهداف
ترقص كل القرية وهو لا يتحرك
وحيدًا يجلس
يمشي في وطن (الشلليات)
سبعه أعوام مضت مذ اختفائه الأول
حتي نساه الناس…
وذات مساء خريف أطل الأسمر ثملاً
يعبث بالكلمات يهتف بحقيقة من يعرف
من أهل القرية
ينادي ذاك (بابن الحرام)
يتساءل من هذا؟؟؟
فيقال له بن فلان
يترنح يصفق ضاحكًا يردد
(هو أبوه متين بقي راجل وعرس)
أصبح يتفاداه الناس…
ويمشي هو متفاديًا نبات (التبر) ذات الزهر الابيض الذي يكسو القرية
في فصل الخريف.
ده ورد الجنة ما تدوسوه برجلوكم يا أنجاس
يخاطب من حوله
تنام القرية على صيحات الدكتورة وكنو بناديها
ب… عاهرة بعاميتهم
يصرخ ما اختي…
م أختي
ما أختي إنتي، حتي يتدخل الجيران
يصمت فينام….
يصحو مع عودة أميرة من عملها
فيخرج للنهر…
ويعود مساءً ثملاً تتساقط منه ذات الألفاظ
وهكذا حتي اختفى مرة أخرى
القرية على حالها لا شيء جديد
لا شيء تغير..
ولا شيء سيتغير
ذات الأشياء تتكرر مصائبهم..
أفراحهم.. كل شيء مكرر
غنم فلان أكلوا (حوض برسيم المفتش)
“مصيبة”…
ناس فلان جابوا ليهم ولد
“فرحة”…
الشيء الوحيد الذي يذكر ان والد نعمات قد أصبح رئيسًا (للجنة الشعبية) بعد ان قرر الرئيس الشاب ومجموعة من شباب القرية ذهابهم للجهاد
والحدث الآخر الذي لا يقل أهمية هو ظهور حبوب
تنظيم الأسرة قد أدخلتها دكتورة أميرة عاملة النظافة
إلي القرية
وكنو لا يعرف عنه شيء
لكن لم ينسه الناس
وكلما وقعت عيني أميرة على السنارة والمنجل
بجوار الباب كانت تبكي وتردد
وينك أخوي
وين يا ربي كنو
يتساءل هاشم سائق الباص..
دااااك مش كنو
ويشير إلى الساحة المكتظة بالدراويش
ساحة المولد..
مكتظة بأحباب النبي “محمد”
وعشاق الازدحام
يندهش الناس !!!
الصياد يصرخ مخضر الثوب
الحي الله
الدائم الله
الحي الله الدائم الله
يزداد تفاعله و(النوبة) يرتفع ايقاع الطبل
يردد كنو
حي قيوم… حي قيوم.. حي قيوم… حي قيوم
نعم..
هو ذاته كنو
هو ذاته الصياد (السكير)
يسقط على وجهه يقترب منه هاشم…
فيمنعه عجوز ملتحي محمر العينين
“خلوه كنو ما سكنوا (الخدام)”
كنو النبي بريده
كنو النبي بريده
علمت الدكتورة بالأمر فجاءت صباحًا تسأل عنه
كانت تحبه رغم ما يفعله بها… تسأل هنا وهناك..
لم يعرفه أحد
عادت أميرة وهاشم وبعض أهل القرية يقسمون بأنهم
قد رأوه البارحة في ساحة المولد
والقرية فراغها يجعل كنو في ونسات الناس..
القهوة.. ميدان الكرة
الصالون..
جلسات الودع..
في دق الريحة وفي كل مكان كنو حاضر
وبدأت حلقات العقل والروح تدور في فلك العابد
السكير أبن النهر…
كنو…
روايات تحكي….
وأحاجي تقص وما من مسافر إلا رآه…
نسرين العائدة من جدة تقول كنو
قد صادفها في ميناء سواكن يعمل في إحدى (الكلات)
تكذبها والدتها فقد رأته في العمرة يبكي بجوار الحجر
الاسود…
يضحك طه…
كنو شغال في مطعم في (الفاو)… شافوه ناس البصات
كنو بجوار كمبوني يبيع كتبًا مدرسية…
في سنار شوهد مع عمال القصب…
عنايات رأته في (زريبة الشيخ البرعي) عندما ذهبت بابنتها المريضة…
كنو اعترض (لوري) صالح مع مجموعة مسلحة
في طريق دنقلا الفاشر…
في كربلاء شاهده عزت العائد بعد غزو
الولايات المتحدة للعراق…
كنو كنو كنو
كنو هو ذاك الجالس على القمر…
يخيط شبكته ليصطاد النجوم…
به تغيرت الأشياء في قريته وعلي آذان الفجر
تصحو الدكتورة بعد أربعة عشر عامًا يناديها أهل القرية يا أميرة…
فخصرها ما عاد ملهمًا لهم
فهي أخت ولي الله كنو…
أميرة نفسها تغيرت تزوجت من بابكر الميكانيكي
تركت بيع حبوب منع الحمل…
وما عادت تنام في احضان (طلبة الامتياز)
الأسرة المنسية كبرت في القرية الصغيرة…
لا أحد يذكر كيف مات والدهم…
لا أحد يسأل عن امهم الأستفهام
فجأة أحسو بالحنين إليه واحبه الجميع
نسوا الالفاظ التي تتساقط منه كلما عاد ثملاً يترنح…
فقط هو الآن ولي الله
كنو…
ابن النهر
ومع كل رواية تطل يفتقده الناس… القرية تتوحد في
بكائها لا يذكر أحدهم حسنة له…
لكنه يبكونه سيئ الذكر…
يبكونه بحرقة…
بصمت
بكائيتهم كانت متفردة حيث لا مآثر للفقيد…
ربما بكى كل واحد فيه جرحه متعذرًا بكنو…
البؤس خيم عليهم
النهر… هو النهر لكنهم يرونه بائس
لا شخبطة على الجدران…
لا صور لنعمات
كنو يغيب
يغيب تمامًا
يتحدث عنه صغار القرية…
قالوا كان لعاب
وآخر… ايوه وكمان كان جنو يسكر…
يرد عليهم ثالث هوي ما تتكلموا في كنو… ربنا يسخطكم
قالوا كنو ولي صالح…
يتمدد التصوف يجتاح ببساطته البيوت
فالنوبة التي هدت كنو كفيلة بالاتباع
مولد فمولد يمر على غيابه تتقلص الروايات تنحصر.
ومع كل صباح تأخد أميرة سنارة ومنجل كنو
تضعهما برفق جوار الباب
أعوام وهي تظن أنه سيحضر يحملهما ويخرج
كنو ما بيحب البيت كنو بيرجع من الباب لا
يجرؤ بابكر على زجرها فقد تصيبه لعنة الولي
الصالح
بتمد يدك على مره قدر امك يشير بأصبعه لرجل شرطة يقوم بواجبه فى قطع أرزاق الباعة المتجولين وستات الشاي فى واحده من حملات المحلية.
يرد رجل الشرطة
انت بتورينى شغلى
لا بوريك كيف تحترم أرزاق الناس
كيف تحترم الناس اللي بتاكل من عرق جبينها ما بتسرق ولا بتشحد
يواصل الأسمر حديثه مخاطبا زملاءه من اصحاب المهن الهامشية
ما تخافوا منهم نحنا الأكتر ديل دايرننا نموت بالجوع دايرين يمنعونا نعيش ده شغلنا حلالنا وما بنخلى
تعلو الهتافات
يضطر موظفو المحلية وأفراد الشرطة على الانسحاب خوفًا من انفجار الاوضاع
يتحدث الأسمر بعبارات واثقه
كفاية ياخ
كل يوم الشرطة جات الشرطة جات نلم حاجاتنا ونجرى نحنا دايرين ناكل عيش حتى ده حيمنعونا منه
يهتف الناس الله اكبر
الله أكبر تخرج صادقة من أفواه المسحوقين لا تشبه الله أكبر التى تفرزها شفاه المسؤولين
يسأل احد المتشردين الجدد اخر ده منو (السان) اللي بتكلم ده وسان (بالرندوق) لغة التشرد معناها الرجل
يجيب صديقه ده عمك البفرش جنب كمبونى بنوم فى (الخور) الجمبنا داك
وقد تكررت مخاطباته تلك مفرزه هيبة البسطاء فى مواجهة المحلية وشرطتها وفى في مرات عديدة اطل الأسمر ثملاً تتساقط منه الالفاظ
يلعن السوق وعقيدة المحلية
وحينًا يحمل مبخره يجول به على الباعة المتجولين
وعلى الفحمات البخور ينادى بيا مغيث يا مغيث
يهتف امرق يا خوف امرق يا خوف
الحى الله الدائم الله
صار مألوفًا للجميع
اسهم فى تكوين مجموعات منظمه لأصحاب المهن الهامشية
وحد وجدان الحوجة وبفضله تهذب الشحاذون وتغير خوف البسطاء
الي ثبات
(الموت حق ما تخلي حقك وتجري) يخاطب المتجولين
(عرقنا حلال والزارعنا غير الله اليجي يقلعنا يا محلية)
وبعد عبارات بسيطة معبرة ينطق بكلام غير مفهوم
بلغه لا تشبه اهل الارض
يتعارك مع الطبيعة
يسب الليل
يخاطب الشمس
احتار فى هذه الشمس كيف تفرض نفسها على البسطاء
لا تمنحهم سوى الحريق
هي ذاتها من ستهرب بعد ساعات
لن تصمد امام اول نجم يطل وكأنها ليست هي
تتوارى بالغروب فى خوف يشبه غطرستها
لا تحمل أي ملامح حنين قاسية
من فرط ثقتها فى نفسها زادت شعاعها حتى أصبح لا يقوى على رؤيتها احد بائسه بغيضه
يبصق ويكمل أقبح أنثى عرفتها فى حياتي ولا
بعد عهرها أو ربما شذوذها الضوئي
أكرهكِ ايتها الشمس
سأنتظر حتى تشيخى وتخرجى غربًا وتكونى الكومبارس فى مسرحية القيامة
اجمل ما فى البرزخ غيابك
ولو راودني ادنى شك بوجودك فى الدار الآخرة سأضرب عن البعث وسأعارض الصعود
ايتها البائسة يا ابنة خطيئة السماء وزيف الارض!!!
يصمت الجميع وكأنما فهموا رسالته للشمس
غيوم تحجبها عنهم كأنها
استحت من حديث الأسمر الثمل.
الدميرة
او حين يتغير لون النهر حمالاً ذنوب الهضبة
الإثيوبية عكرًا…
ارتبط عند الناس بموسم الصيد حيث يأتي النهر
بأسماك كبيرة الحجم يحول الطمي دون نظرها فيغتنم
الناس الفرصة وينهالوا صيدا بما أتيحت
لهم من معاول…
كان خير المواسم لكنو
هو كما عاشوراء واعياد الميلاد…
تدخل مني بت ست العرقي مصطحبة وفاء
ذات الأربعة ضحكات و عشره خريف… وكالصاعقة تخبر
أميرة بأن وفاء بت كنو!!! حتي اسألي
أي زول في الكمبو…
وفاء تسمع حديث امها وتنظر لانفعالات أميرة
بتشبهوا شديد سبحان الله…تردد أحداهن
وعلي ا(لعنقريب) المجاور أميرة تردد أخرى والله
النصيحة لي الله كنو مرة وراني قال عندو بت
في الكمبو بس أنا ما صدقتوا
تنظر إليها أميرة وفي سرها “كنو كان بكرهك يا ختي
موت…
لا أحد يذكر ملامح كنو وكعادة أهل الريف
يفتون في كل شيء…
وفاء تشبه الدكتورة ذات الخصر ذات القوام
العيون الصغيرة والفم الصغير…اذن ستعيش
معهم في القرية لتتيح لامها فرصة انجاب أخرى
من مسحوق آخر يجيد النوم على أرض (الاندايات)
بابكر لا يخرج من المنزل إلا وعاد مسرعًا كان
رأيه اللي بناكلوا حتاكلوا معانا وحتساعدك في
خدمة البيت.
هكذا ينحصر دور المرأة في مأكل ومشرب
وخدمة اسياد البيت لا ان تدرس أو تتعلم
مهنة تقيها شر السؤال
المرأة هناك مفعول به لا فاعل حتي في الجنس
الوضعية الأنسب لكل أهل القرية ان تكون المرأة
بالأسفل
من يصدق أننا في القرن الحادي والعشرون
وتموت فتاة بسبب الختان…
من يصدق ان تتزوج بنت الاثني عشرة ربيعًا
بثمانيني لا يقوى على البوح
يحكي أنه في صلاة الجمعة سأل أحد الوافدين
إمام المسجد…
(يا شيخنا بطيخي نضج يجوز أكله)؟؟؟
ويقصد أن بنته قد بلغت فهل يجوز له ان يتزوج
بها؟!
نعم حتي محيط القرية مليء بالأوغاد البسطاء لا يزيد
تداخلهم إلا تعميقا للجهل…
هنالك تنمو الأحاجي وتكبر هي الوحيدة التي
تتطور (فالغول) ما عاد يخيف الأطفال فحل مكانه
العسكري… بنادي ليك البوليس لو ما نمته هي ذاتها
بنادي ليك (البعاتي)… قبل خمسة عشر عامًا.
ووفاء تكبر أمام بابكر نظراته لها لا تعجب أميرة
فتضرب وفاء
بأستمرار بسبب وبدون
ووفاء تنضج في مجتمع مولع بصغار الثمر
الكل عينه على وفاء
النيمة العجوز امام منزل كنو أضحت محطة لشباب
القرية القادم من المدرسة… الذاهب إلى الحقل… جميعهم
يمرون عبرها ووفاء تختبر انوثتها دخولاً وخروج
مع ضنك العيش وسوء الحال تضطر أميرة لاصطحاب
وفاء معها للعمل في المستشفى لتساعدهم في لقمة العيش
لا سيما وبابكر لا يعمل مذ ان زادت حملات المحلية
علي أصحاب المهن الهامشية
الأيام تعيد نفسها ذات الأشياء تتكرر وفاء
هي أميرة في شبابها…
بغباء تتكرر الأشياء أطباء امتياز جدد سينامون
مع وفاء فيضاجعون شرف المهنة قبل مضاجعتهم
لها… ستعود بحبوب الاجهاض… وقد يناديها أهل
القرية بالدكتورة حيث خصرها لا يليق بعاملة
نظافة!!!
هكذا هي أقدار الناس في وطن تتكرر سقطاته
ببلاهة مطلقة فالطموح خرافة والأحلام تتكسر
أمام واقع الحوجة…
المعاناة هي المتحكم في أقدار الناس
حياتهم كلها واقع وواقعهم افجع من ان تخطه احرف
بسطاء بؤساء
لا يحلمون حتي في منامهم
ابن الفلاح سيغدو فلاح
والترزي لن يكون ابا لطبيب
الداية لن تنجب صحافية…
علي دين وخلق وجهل ومهنة آبائهم يخرج الابناء
المخنث بن مدير المدرسة سيصبح مديرًا لذات
المدرسة فقط لأن أباه مدير…
لن تخرج شمسهم إلا من مشرقها وغربا ستغيب
نعم هؤلاء لن تقوم قيامتهم…
لن تقوم
لن يأتيهم الدجال… فهو أخبث من بساطتهم وسيمر
عليهم عيسى في موكب من النبيين ويشفع لهم محمد
وربما ينزل الله إليهم بنفسه ليصطحبهم إلى الدار الآخرة
قد لا يسمعون (الصور) ولا يشعرون بالسماء إذا انفطرت
احسهم خارج نطاق الكون خارج إدراكنا…
وعيون الأمم المتحدة
الأسرة المنسية بصمتها واضحة على القرية
حينًا بسفيهها كنو… وحينا بوليها الصالح كنو
أخ أميرة كنو… ووالد وفاء
كنو
حتي في الانتخابات كانت أسرة كنو مؤثرة على أصوات
الناخبين… فمرشح الحزب الحاكم ضبط في منزل كنو
مع وفاء التي تصغر أصغر بناته، وأقرب منافسيه
أنقذت أميرة شرف ابنته بإجهاضها
لحملها الحرام… وهكذا تتعمق الأشياء
لتكون ذاتها بسيطة… في مجتمع يبني على الأحاجي
تموت فيه القيم امام الشهوات وتسيطر عليهم جلسات
(الودع والزار) أنقياء… أخبث ما يكونون
والعكس… تناقضهم أوضح ما يكون…
(الوداعية) تحدد الزواج تختار اليوم المناسب…
تحدد ماذا سينجبون ومن سيفوز بالانتخابات
وأي فريق سيحمل كأس كرة القدم…
ذهابهم للحج… زراعتهم… حصادهم
كل شيء بأمرها…… تحمل أعباء الرحمن وتمنعهم التوكل…
وستجلس بعد البعث على ذات البمبر لتخبرهم
من سيعبر الصراط.
احيانًا تخنقنا العبرات…
نقف عاجزين عن النطق لا نعرف إلا صمتنا الشامخ
نصمت حد ان نشفق على أنفسنا حد البكاء
تخلو وجوهنا من الملامح
أسفًا نحيا
وأسفًا سنموت
حين نعانق في القرن الحادي والعشرون إنسان
طموحه حفنة دقيق وسكر.
وعلي مدى شهرين يتناحر أهل القرية وسكان الكمبو
بسبب شجار نشب بين شابين…
القادم من الكمبو أساء كريستيانو رونالدو
فرد عليه الشاب من القرية بإساءته
لـ ليونيل ميسي ومن النادي حيث التلفاز
الوحيد الذي يجذب أهل القرية وشباب الكمبو
وعمال المزارع
خرج الصراع ليكبر ويأخذ إطاره الجهوي
وليت ميسي يعلم ان أحدهم بقرية نائية
بشرق أفريقيا قد مات دفاعًا عنه…
وهو الذي يعيش على (العصيدة والمريسة)…
وبحماره يقطع الكيلومترات ليشجع برشلونة…
وليت كريستيانو يعلم أن راعي ضأن بسيط
قد يواجه الإعدام بسبب حبه للملكي المدريدي
بجملة واحدة تم احتواء الأمر حيث
قام أحد أعيان القرية بزيارة الكمبو مصطحبًا ابنه الصغير
وما ان دخل على أهل الميت حتي وضع خنجره علي
رأس الطفل قائلاً…
كان الموت بحل شيء على بالطلاق رأس ولدي
ده أخليه ليكم هنا وأرجع بي جسموا
صرخ شيخ الكمبو…
شوف يا عمدة…
لاك أرجل منا ولانا أقل منك وعلي
بالطلاق تسوق ولدك وترجع أهلك نحن
عفينا…
نحن قمنا مع بعض وحنموت مع بعض
وكت أصلو موت لي موت احسن
نموت في الكورة…
بدل نموت في بلدنا م عارفين بكتلونا ليه…
ويقصد الحرب الدائرة في دارفور
يتوقف محمد العائد توًا من رفح بعد ان أوصل
شحنة سلاح مهربة إلى قطاع غزة بنزل من عربته
وبعد السلام يردد
(ماني فاهم شنو حاصل بس شكلو في
صلح تم الحين يشير لغلام في العربة
نزل البهيمة خليهم يكرموا)…
فتعلو الزغاريد…
ويعلو النقاء
مشكلين سحبًا من التعايش
سحبًا من البساطة
خالد القادم من الإمارات يعمل هناك في تربية
المواشي ويناديه أهل القرية ب
أستاذ خالد…
كان أول سؤاله عن كنو… أخباره شنو (الزول)
ده؟؟؟ ميت ولا حي؟؟؟ فحرك ساكن القرية
كل يحكي روايته التي يحب عن كنو… في مجملها
كنو طلع ولي صالح…
كان عيد الأضحى حيث تكثر الأعراس يا سبحان
الله حتي فرح وحزن القرية بمواسم فقليلاً ما
مات أحدهم في العيد… لا أدري لماذا
لا يتزوجون إلا في الأعياد لكنهم هكذا…
تتحدد فرحة العيد بعدد الزيجات… فكلما
كثرت كان عيد القرية أكثر سعادة
غريبي الأطوار
في أحد الأعراس تقع عين خالد المغترب على أحدهن
أنيقة… جميلة بقوام لا يشبه أهل القرية
ما بتشبهنا يقول في نفسه… الملامح عندهم
مرتبطة بالدماء يعرفون بعضهم بدمائهم هكذا
يقولون… يحوم حولها وبانتهاء العرس
يسأل عنها… من تكون؟
كانت مراسم (الجرتق) قد بدأت تجلس وفاء خلف
العروس… يشير خالد لصاحبه دييك منو؟؟؟
الطويلة الجاعدة الطرحة ديك؟؟؟
وفي الصباح كان اعجاب خالد المغترب بوفاء
بت كنو حديث القرية… بل خبر العام
ما
دعا والده ان يترك الشيشة مشتعلة
ويعود إلى البيت وفور دخوله كان صوت زوجته
يشق سقف الغرفة وصولاً للجيران…
انت عارف وفاء دي منو؟؟؟ بت منو؟؟؟
حبوبتها ست العرقي وأبوها ما معروف زاتو
عرس امها كيف ولا متين ولا وين
بعداك تعال… اِنت ناسي اِنت ود منو؟؟؟!!!
ديل أبوهم كان (عب) لي جدك وهو الرباهو
صعق الاب لسماعه حوار الام لابنها اذن
فعلا خالد أحب وفاء
يايمة الدين قال كده؟؟؟ البت ذنبها شنو؟؟؟
بعد داك مش قلتو ابوها ولي صالح؟؟ آها…
المشكلة وين وبعدين يمه خالي معرس منو؟؟؟
ما حلبية ساي… ما معروف جابها من وين وقال
فلسطينية ما منعتوهوا ليه؟؟؟؟
تصفعه على وجهه ففي القرية لا يواجه الابن
ابويه بالحقيقة وإن كان على صواب
هنا يتدخل الأب وقد تغيرت ملامحه…
كان رأيه مغايرًا نوعًا ما لكنه يصب في خانة
الرفض… يا ولدي كلامك صاح… كلوا صاح
الدين ما بيمنع زواجك منها ولا البت عندها
ذنب هي بت منو…
هنا سقطت صورة نعمات ذات العشرة أعوام
من الحائط نظر الأب لزوجته…
تدمع الأم
نعمات… شهيدة الختان محبوبة كنو
المزامير… البوص
عربات الصفيح
أعوام مضت على رحيلها يتذكر والدها حينما وجدها مع كنو
يلعبان ضربها…
هددها…
“بكتلك كان لقيتك بتلعبي مع الجنا ده يا نعمات”
نعمات الآن تحت التراب وكنو غائب خالد
اخاها… يريد ان يتزوج وفاء… ووفاء بت كنو
بت مني بت خديجة ست العرقي… مني
التي طالما نام في حضنها والد خالد
آاااه يا دنيا موديانا لي وين
يستغفر الأب يردف الاستغفار
با (أووووووف)
ابوي… قول لي المانع شنو؟؟ وفاء في روحها
ما فيها عيب… وعيب القرية يختلف عن غيره… ينحصر
في هل فضت بكارتها أم لا…
الشرف هناك حده ذاك الغشاء.
يا ولدي الله يرضى عليك… شوف غيرها
ليه يابا
شوف غيرها يا خالد…
ليه يابا.
سؤال لن يجيب عنه الأب لن يستطيع ان يخبره بانها
قد تكون اخته أو انها فعلاً كذلك
تسرب الخبر عرفت وفاء بالأمر لكنها توقن
بان هذا لن يحدث خالد جاء ليقتلها فحسب… لتصبح
في جلسات الناس وحديثهم… انكسر الابن…
قطع إجازته تاركًا وفاء… وقريته والأسى في عيون
الناس… نفس من هاجموه ذاتهم من قلبوا كفوفهم
مرددين…
حرام والله الأولاد حبوا بعض ذنبهم
شنو؟؟؟
متناقضين…
انقياء أخبث ما يكون
يمر اليوم الرابع ووفاء لا تبارح صمتها إلا بزفير
مسموع لا تخرج من غرفتها…
تظهر المستشفى على حقيقتها في غياب وفاء
مرضى… انين… شجار في المدخل… أطباء
امتياز يرفعون أصواتهم في وجه المرضى…
بعضهم يبكي مريض له قد مات… وقد يموت لمرات
ومرات حتي يصل قبره في وحل الخريف وخوفهم من
الرعد
تبرق السماء شرقًا فتدمع وفاء تخاطبها أميرة
وفوية بتي… كفاكى ياخ… ديل ما من توبنا
عارفه يا عمتي… لا دارهم دارنا… لا صحنهم
صحنا… أنا بت منو وهو ود منو!!!
تمطر السماء تمطر تبكي كل اسود مذ سيدنا بلال
حتي صرخات جماهير روما كلما وصلت الكرة
لأقدام باونتلي…
تكمل وفاء… أنا واجعني كلام الناس… بقوا يعاينوا
لي كيف كيف… ناس منو يا بتي… هو القرية
فيها بن آدم… يا حليلك يا كنو ما كان في
زول بيقدر يعاين ليه في عيونوا عارف حقيقتهم
كلهم… صحي انجاس ذي ما كان بيقول…
احكي لي عنه يا عمتي نفسي اشوف أبوي…
تضحك أميرة كان حقااااار وطيب وما بيعرف يغش
تحكي وتحكي
وتحكي أميرة عن كنو
تنام في حضنها وفاء لأول مرة تنام في حضن
عمتها… لأول مرة تتعانقان… وكأنما حرم الله
عليهم الدفء… يصرخ الديك معلنًا الصباح
الصراخ يشق سكون القرية… الساعة
تشير إلى الثانية ظهرًا والظهيرة هنا كليل المدائن
صامتة إلا من غريب عابر…
تنوح النسوة…
الدهشة تكبل أرجل الرجال
يبكي الأطفال بفوبيا لا تشبه قريتهم… تسأل
عجوز… سجمي يا أولاد امي… في شنو يا ناس
يا هوى في شنو؟؟؟
لا أحد يجيب…
كأنهم يبكون بعضهم
لا صراخ يأتي من مكان معين…
لا بيت بعينه يقصده الناس… القرية في مجملها
بيت عزاء…
خوفًا لم تشهده الأعين…
ضجيج…
لا يشبه القرية الصغيرة
سكان الكمبو…
عمال الحصاد…
حتي الاحباش أتو من المزارع القريبة من القرية امتزج الحزن
بالأسى… منجبًا هويه عجز مثقفو بلادي ان يصلوها…
انه الانسان يعزي بشريته في النزف
انها هوية النحيب…
هوية الفاجعة…
الدمع لغتهم…
دينهم
عرقهم
وحدهم الادنى
الحزن الآن هو المشترك القاصم ظهر تباينهم
وفي كبرى الحديد الذي يربط الخرطوم ببحري…
حازم وحبيبته يعبران الجسر مشيًا…
وقف يحدثها عن بكرة…
عن ماذا سنسمي طفلتنا
مد اصبعه نحو شفتيها لم تمنعه كالعادة
جاحظة عينيها تشير إلى النهر يلتفت حازم
أحدهم يغرق سقط توًا من الجسر
يختفي تحت الماء
تجيب طفلة بالقرية على سؤال العجوز…
خالد ود بثينة مات يا حبوبة
بيقولوا انتحر فوق (الخرتوم)
انتحر يعني شنو يا حبوبة
؟ ؟ ؟
ربما اكتشف ان حبيبته هي ذاتها اخته
أو ربما احبها لدرجة شلت تفكيره…
فسقط من الجسر
أو ربما هي روح أبن النهر
جذبته نحو الأسفل
ذهب خالد بسره وفي مثل قريته تموت الأسرار وصاحبها
في ذات الوقت…
عمومًا كان الجرح…
أعمق من بساطتهم…
فلفظ انتحار محال ان تجده في قرية كتلك…
عادة ما يسقط صدفة… من شفاه قادمة من المدن
وصل جثمانه… فقد اصرت والدته ان يدفن بجوار
اجداده حتي لا يذهب وحيدًا للدار الآخرة… هكذا
يفكر أهل القرية… وقد خفف حزنهم رؤيتهم لعربة
الإسعاف التي يرونها لأول مرة في حياتهم
نعم سيتحدثون عنها لسنين قادمات وكيف انها
تصدر ذاك الصوت الغريب…
سيتمني أطفال القرية ان يصبحوا سائقي إسعاف
عندما يكبرون وسترسم صوره السائق في اذهان
مراهقات القرية…
هكذا يعيشون…
لا يشبهون الناس سوى في الشعور
الحزن
الدهشة
والخوف
ورغم ذلك يشعرون بأنهم أسياد العالم، العالم الذي
يعرفونه عبر إذاعة محلية… لا يصل صوتها لمكتب مديرها
ناجي المجنون يطوف القرية ينادي بصوته المبحوح
يحمل بجلبابه الرث بعض الحصى والرمال…
يصيح
السمك
السمك
يلهو معه الأطفال يمنحونه صفق الاشجار فيعطيهم
حجرًا… يظنه سمكة
ويظنون صفقهم نقود
لم يعتادوا على ناجي مسالمًا لكنه من اسبوع
مضى لم يؤذ احد…
فقط يطوف بحجارته
ينادي السمك
السمك
ناجي المجنون قبل عشرين عامًا من الآن كان رمزًا
من رموز القرية… شابًا وسيم الملامح بلحية تزيده
وقار كثيرًا ما تمنته الأمهات زوجًا لبناتهن…
كانت إحداهن إن أنجبت طفلاً ذكر…
أرسلت لناجي كي يؤذن في أذنه ففي
اعتقادهن ان ابناؤهن سيصبحون كهذا الذي
همس في أذنه بالآذان حين يكبر…
كان قدوة شباب القرية ورغم صغر سنه في ذاك
الوقت فإنه لا يمرر شيئًا قبل الرجوع إليه
فهو رئيس النادي… والمسؤول من سهريج الماء
وعضو لجنة المسجد… ومجلس الآباء… ورئيس
اللجنة الشعبية
قبل عشرين عامًا من الآن كان نظام الحكم الحالي
في بدايته….
خرج ناجي وآخرون تلبية لنداء الثورة دفاعًا
عن الدين والعرض
ذهبوا للجهاد دفاعًا عن أرض ستقطع فيما بعد
من مات منهم ودفن هناك سيعتبر ميت في دولة
جارة مستقبلاً…
وقد فاتت هذه الأشياء على الوداعية المهم
في مرتين خلال غيابهم زار المحافظ القرية قدم جوال
سكر وما تيسر من تمر وزيت وزف لأسرتين
خبر
شاهد شابين من مجموعة ناجي…
وما سأل احدهم عن ابنه إلا وأجابه المسؤول الحكومي
ولدك بخيييييييييير وبيجيكم قريب إن شاء الله
فيردد الجميع إن شاء الله.. إن شاء الله
كان كنو حينها يأتي ثملاً قبل اختفائه الاخير
فيفسد بعباراته النتنة صفو المحافظ
كذاب…
ضيع أولادكم…
كذاب لا بفوت لا بموت
انت ما تمشي تجاهد
يخاطب المحافظ
وكان جاهدت زاتو ما بتموت
لانو (كرشك) دي ما كرش شهيد…
ينتظر الناس ذهاب المحافظ ليضحكوا على عبارات كنو
ففي حضرة الحكومة لا تضحك القرى…
لا تهمس…
لا تبوح…
فقط تتنفس
بعد لأعوام عاد ناجي إلى القرية كثيف اللحية بدين…
لا يتحدث لأحد… سوى أمه…
فقط أيام وسمي بناجي المجنون يقال إنه في
إحدى المعارك اخترقت قذيفة صدر من كان بجواره
وآخرون همسوا بأنه اصبح يتعاطى (البنقوا) بشراهة
لينسى أحداث الحرب المؤلمة…
غير أن الرواية التي راجت بالقرية تتحدث عن
أن فتاة من الجن قد أعجبها وحين رفض مضاجعتها
قيدته بسلاسل من نار…
الآن يتجول حافيًا قليلاً ما يفهم قوله…
وبالتالي تغيرت نظرة أهل القرية لناجي حتي ان
بعض الأمهات فكرن في بتر آذان أبنائهن
التي صرخ ناجي بأذانه لهم فيها وهم صغار
حتي لا يصابوا بداء الجن…
أو داء الجهاد!!!!!!
عام مر على رحيل خالد
وعيد الأضحى على مقربة
أسبوع أو أقل سيمر حزينا بالتأكيد حيث لا عرس
ولا غناء فهو أول عيد يمر مذ رحيل خالد…
سيتجدد بكاء الناس وكأنما مات لتوه… هكذا
تطول أحزان القرية الصغيرة بينما تمضي فرحتهم
مسرعة إن وجدت أصلاً…
مر العيد بحزنه وقد تسرب بعض الشباب لقرى
مجاورة حيث الأعراس في الاعياد
القرية ساكنة الأشياء ذاتها…
وفاء بقوامها الفاتن تحافظ على لقب الدكتورة الذي
ورثته من عمتها خصرًا
عن خصر
ولا أدري لماذا يرتبط الجمال عند هؤلاء (بالدكتورة)
فالطفلة الجميلة يقال عنها ستصبح دكتورة عندما تكبر
والفتاة الفاتنة يعاكسها الشباب
بيا دكتورة!!!
والدكتوراة في القرية مرتبطة بالطب فقط…
سيضحكون عليك ان قلت فلان نال
الدكتوراه في كذا…
وكانت كذا هذه في مجال غير الطب…
أميرة ما عادت تذهب للمستشفى فقد تركت
عمل النظافة واتجهت للتجميل
هي الآن أميرة الحنانة
بابكر زوجها اكتفى بطبلية صغيرة أمام المنزل حيث لا
حملات محلية ولا ضرائب
تقدم أحد الصبية لخطبة وفاء…
وكان عاملاً في ورشة بابكر لكنها رفضته
تحدث الناس بانها لا يمكن أن ترضى بمكانيكي سيارات
لأن عينها على طبيب انتقل حديثًا إلى المستشفى وقد
حولها من عاملة نظافة لمساعدة تمريض ولا غرابة
فالطبيب من ذات المجتمع الذي تتحكم فيه الشهوات
شباب القرية يتأهبون لحفل ختام الدورة الرياضية التي
أقيمت لتخليد ذكرى الشهيد خالد
هكذا كتبوا على الديباجة
(الشهيد فقيد القرية خالد شرف الدين)
عديدة كانت الفقرات أهمها مباراة كرة القدم
التي سيواجه فيها فريقهم فريقًا آخر من قرية مجاورة
علي جنبات الملعب جلس الحضور وفي مقدمتهم
المحافظ وأعيان القرية فالنساء والأطفال…
كل شيء بدأ مرتبًا ومنظمًا ورغم حماسة
المباراة قليل من كان يتابعها فعلاً…
فللحضور اهتمامات أخرى…
الأطفال يراقبون أطباق الضيافة وكم تبقى فيها
من تمر وفول سوداني
والأمهات يراقبن سلوك أبنائهن…
أعيان القرية مهتمون بخلق علاقة بالمسؤولين
والمحافظ
والمحافظ والمسئولين أعينهم تجول بين اجساد نساء القرية!!!!
وكانت أميرة منشغلة بعمل (الدلكة) لإحداهن ستسافر لزوجها
المقيم في واحدة من دول الخليج…
وفاء تنسحب من الاحتفال بإشارة من أحد
الشباب سيلتقيان في بيت (العزابة) مستغلين انشغال
القرية بضيوفها، وربما التقت كل القرية في ذات البيت
فكلهم يفكرون بذات الطريقة.
ناجي المجنون بين الحضور يحمل حجارته بجلبابه المتسخ
فينادي السمك
السمك
ينزعج المحافظ لرؤيته ناجي… فهو نتاج ثورتهم المجيدة
تمضي الأمور في هدوء وربع ساعة تبقت علي
ختام المهرجان…
يسمع صوت النهر في غير موسم فيضانه ولا
يأبه احد لذلك…
ثم نقاط صغيرة من المطر
تتساقط
تتساقط أيضًا في غير موسمها…
إنه إبريل حيث الصيف في أوله ينظرون إلى
السماء… سحب بعيدة تتراءى على غير وجهة
سحب تشبه وطنهم
داكنة
متباعدة
لا تحمل اي ملامح تسير ببطء لا وجهة معينة
هي فقط سحب
والسلام
كما وطنهم تراب
والسلام
يضحك المحافظ ذات الضحكة الساذجة لم تفارقه
لعشرون عام في وطن تتشابه فيه ضحكات المسؤولين
وسذاجتهم
يردد
أمطار خير وبركة إن شاء الله
الخريف شكله مبكر وفي خير كثير للناس
إن شاء الله… ويردد من حوله
إن شاء الله
إن شاء الله
إن شاء الله التي تخرج من افواه المسؤولين
اظن الله نفسه يمتعض منها
يندلق فنجان القهوة من بين اصابع أميرة
تبتل الدلكة… فتردد اللهم اجعله خير
فتجيب صاحبتها… جاياك (قروش) يا أختي بختك
وتبتسم ابتسامة المسؤولين وحيرة
في أعين أميرة
وارتباك
عجوز على حافة الملعب يوبخ لاعبه المفضل
دي كورة دي… ما حضرت زمن كنو…
زمن اللعب الصاح…
يضيف آخر يا حليل كنو
تقف وفاء فجأة أمام بيت العزابة ترفض
الدخول الشاب بصوت مرتبك
خشي ياخ
ما دايرة ابيت… تجيب وفاء والشاب يلح
تصرخ وفاء
ابيت
انت ما بتفهم
تدفعه وتركض نحو بيتها…
وأميرة عينها على الباب حيث السنارة والمنجل
وكنو الذي ربما عاد لياخذهما ويخرج…
رغم السنين السنارة كأنها وضعت الآن
بجوار المنجل…
تدخل وفاء دامعة
تسألها عمتها…
في شنو مالك يا بت
ما في شيء يا عمتي…
بس ما عارفة قلبي مقبوض…
غسلي وشك واشربي ليك موية وقولي بسم الله
تقترب الشمس من مغيبها فتزداد توهج… وتزيد
حرارتها… مرة أخرى ينظر الناس للسماء
ناجي يصرخ… السمك
السمك…
سيد السمك جاء
يتململ المحافظ…
ينظر إلى الساعة… خمسة دقائق تبقت علي
ختام المهرجان…
وهجمة لفريق القرية ترتد الكره من العارضة العجوز على حافة الملعب يلعن الحظ
ويسب عقيدة الكرة
صوت صاخب يسمع… يأتي من ناحية
المسجد
(فارغين لسه شغالية بالفارغة)
ناس ما عندها شغلة…
عمم في الفاضي يقتحم الحضور…
اي زول هنا أنا عارفه منو…
وشنو
وود منو
ينظر إلى المحافظ يردد اِنت لسى حي
عايش لسه اِنت
لا بتفوت
لا بتموت
لا برفدوك؟؟؟
يدخل إلى المعلب…
بتعاينو لي كدة مالكم…
(غريب وعاد لي دياره
ودار الغريب ودار)
يترنح
نحيل الجسم
مبيض الشعر واللحية تفوح منه
رائحة الخمر
ببنطال سبعيني وتي شيرت كتب عليه بالإنجليزية
أوباما Opama
تتساقط الألفاظ النتنة من شفاهه يسب القرية يلعن المسؤولين ومسابح كثيرة
حول يده وعنقه يحاول أحد اللاعبين إخراجه
من الملعب
يترنح
يسقط
ثم يواصل باتجاه الكرة
يتجمع اللاعبون حوله
الأسمر الثمل لديه قوة هائلة…
يزيحهم…
يلعن القرية
وأهل القرية
كل من تجاوز عمره العشرين يعرف هذا
السباب لكنهم لا يصدقون
القرية كفتاة فقدت عذريتها توًا
دهشة ما بعد النشوة
وقبل التحسر
صوتهم لا يفهم كمقدمة البكاء يهمس العجوز بطرف الملعب
في أذن طفلة
امشي قولي لأميرة الحنانة أخوك رجع
قولي لها كنو جا
نعم عاد الصياد
عاد الغائب ولي الله
بن النهر كنو
عاد السكير الأسمر
همسة سمعتها أميرة في مكانها فخرجت بالسنارة والمنجل
تتبعها وفاء بملابسها العادية
لأول مرة لا تنتبه القرية لخصر البنت وعمتها
يصرخ ناجي باكيًا
اهو سيد السمك جا
يصل كنو للكرة
يحتضنها
يحتضنها كطفلة
حضن طالما تمنته وفاء تغيب
الشمس
تغيب تمامًا
يتأخر آذن المغرب…
لا أحد يعير الأمر اهتمامًا
الكل متجمد في مكانه
عاد الصياد
عاد السكير
الولي الصالح
كنو ابن النهر
تقترب أميرة منه تمتزج رائحة الدلكة
بالعرقي ووفاء لا تنطق…
تهمس أميرة
بيمناها السنارة والمنجل والاخرى على رأسها
كنو
كنو أخوي
الأسمر الثمل يردد…
الحي الله
الدايم الله
الحي الله
الدايم الله
وفاء تراه لأول مرة في حياتها
أبوي…
أبوي كنو
تسقط دموعها على رأس الصياد…
ينظر اليها يدمع
لأول مرة يبكي كنو مذ ماتت نعمات
الكل ساكن لا شيء يتحرك سوى صدر
ابن النهر
يتنفس العابد
الثمل
يتنفس ولي الله بصعوبة
يخفت صوت ناجي المجنون…
يكاد صوته لا يسمع
سيد السمك جاء
يخفت ينخفض حتي يصمت تمامًا
ويجلس على حافة الملعب يردد
كنو
الحي الله
الدايم الله
تلتفت أميرة ويلتفت الجميع الكل يبحث عن
الصوت الغريب لا نوبة في المكان
لا طبل
ولا نحاس…
إيقاع الدراويش يسمع في كل مكان…
همهمات (الحضرة) تسمع
ربما هو نبض الصياد
ربما نقاؤه
ربما
ربما
ربما هي روح نعمات
صوت المزمار
أطفال الطهر
والمسئولين أعينهم جاحظة…. كأنه العقاب
وكنو منهك….. منهك للغاية
يكمل الحي الله
يصمت تفوح راحة العرقي
تكمل أميرة
الدايم الله
يعود كنو
الحي الله
تردد وفاء
الدايم الله
يصمت كنو
اميرة ووفاء بصوت واحد
الحي الله
ترد كل القرية عدا المسؤولين
الدايم الله
الدايم الله
من خلف النهر تخرج نجمة…
ضوءها يصل لسن الفضة في فم العابد
ينعكس…
يشع وجه الأسمر
كنو
حتي لا تكاد تميز ايهما النجم… تضع
وفاء يدها على وجهه…
في سرها تهمهم
زات همهمته حين جلس على قبر نعمات
تقرأ
تهمهم بعبارات لا يفهم منها شيء
تنتقل الهمهمة لأميرة فكل القرية
يتوحدون في الدهشة الهمهمة
والخوف
تظلم الأرض
تظلم تمامًا
كأنها لن تضيئ بعد الآن…
نجمة أخرى تطل…
فنجمة
ثم هلال صغير
تسقط السنارة والمنجل من يد أميرة
ترتعش وفاء
يحرق الباعة المتجولون عربه تابعه للشرطة
وكنو يبتسم
ينظر لأميرة
فتبتسم
تدنو منه وفاء تقبله على رأسه
يغمض عينيه
تصرخ أميرة
ينام بن النهر
في حضنه الكرة
وبجواره السنارة والمنجل وفي الشريط الإخباري مظاهرات تعم العاصمة الخرطوم منادية بإسقاط
النظام وكنو تحاصره القرية
ينام
ينام ابن النهر
ينام للأبد
حسن بكري
القاهرة
21/12/2013
خاتمه
قد نمضي مخلفين وراءنا أحجيه
تنام عليها طفله
في وطن حر
“وكالة سودان برس”

7 thoughts on “رواية كنو ابن النهر – حسن بكري

  • ابوبكر عبدالرحمن صالح

    شكرا حسن بكري المبدع الرائع
    شكرا لك وانت تعاني لتدشين هذا العمل الرائع
    شكرا لك وانت تهرب من عيون الاجهزه الامنيه لتناضل. يبحثون عنك كأنه انت من تسببت في قتل ابناء دارفور. يبحثون عنك كأنك من تسببت في كل مشاكل السودان. يبحثون ويبحثون ليعلقو عليك فشلهم وانت لاتملك شي غير قلمك واسلوبك الذي يملاءهم غيظا. وتنتصر لكبرياء ابناء وطني المخلصين

    Reply
  • ابوبكر عبدالرحمن صالح

    بكــــوري

    Reply
  • ابوبكر عبدالرحمن صالح

    سيذكروا الانجاس يوما انهم طردوا رسولا
    بكوري

    Reply
  • mohammed ahmed abd albagi

    حسن بكري اوحسام عابدين كما يحلو لك التسمية. عمل جميل ياصديقي ولي قداااام وحتما سيكون ميلاد ثورتنا كما عودة كنوا جميلا بجمالها.

    Reply
  • mohamed Abdallah mohamed

    يا سلااااااااااااااآااام یاخ
    كنو ابن النهر عمل جميل موفق يا عزيزي عقبال باقي الأعمال الجديدة ترى النور

    Reply
  • ابوبكر عبدالله محمد

    مافي كلام عمل جميل جدا ورائع ويحمل في مضمونه عظمة ابداع ابناء السودان الزمان

    Reply
  • وليد محمود

    ﻭﻋﻠﻲ ﻣﺪﻯ ﺷﻬﺮﻳﻦ ﻳﺘﻨﺎﺣﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻭﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﻜﻤﺒﻮ
    ﺑﺴﺒﺐ ﺷﺠﺎﺭ ﻧﺸﺐ ﺑﻴﻦ ﺷﺎﺑﻴﻦ …
    ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻤﺒﻮ ﺃﺳﺎﺀ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎﻧﻮ ﺭﻭﻧﺎﻟﺪﻭ
    ﻓﺮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺑﺈﺳﺎﺀﺗﻪ
    ﻟـ ﻟﻴﻮﻧﻴﻞ ﻣﻴﺴﻲ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺩﻱ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﻠﻔﺎﺯ
    ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺬﺏ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﻭﺷﺒﺎﺏ ﺍﻟﻜﻤﺒﻮ
    ﻭﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ
    ﺧﺮﺝ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻟﻴﻜﺒﺮ ﻭﻳﺄﺧﺬ ﺇﻃﺎﺭﻩ ﺍﻟﺠﻬﻮﻱ
    ﻭﻟﻴﺖ ﻣﻴﺴﻲ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻥ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺑﻘﺮﻳﺔ ﻧﺎﺋﻴﺔ
    ﺑﺸﺮﻕ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻗﺪ ﻣﺎﺕ ﺩﻓﺎﻋًﺎ ﻋﻨﻪ …
    ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻴﺶ ﻋﻠﻰ ‏(ﺍﻟﻌﺼﻴﺪﺓ ﻭﺍﻟﻤﺮﻳﺴﺔ ‏) …
    ﻭﺑﺤﻤﺎﺭﻩ ﻳﻘﻄﻊ ﺍﻟﻜﻴﻠﻮﻣﺘﺮﺍﺕ ﻟﻴﺸﺠﻊ ﺑﺮﺷﻠﻮﻧﺔ …
    ﻭﻟﻴﺖ ﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎﻧﻮ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺭﺍﻋﻲ ﺿﺄﻥ ﺑﺴﻴﻂ
    ﻗﺪ ﻳﻮﺍﺟﻪ ﺍﻹﻋﺪﺍﻡ ﺑﺴﺒﺐ ﺣﺒﻪ ﻟﻠﻤﻠﻜﻲ ﺍﻟﻤﺪﺭﻳﺪﻱ
    ﺑﺠﻤﻠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺗﻢ ﺍﺣﺘﻮﺍﺀ ﺍﻷﻣﺮ ﺣﻴﺚ
    ﻗﺎﻡ ﺃﺣﺪ ﺃﻋﻴﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻜﻤﺒﻮ ﻣﺼﻄﺤﺒًﺎ ﺍﺑﻨﻪ
    ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ
    ﻭﻣﺎ ﺍﻥ ﺩﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﻴﺖ ﺣﺘﻲ ﻭﺿﻊ ﺧﻨﺠﺮﻩ ﻋﻠﻲ
    ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻗﺎﺋﻼً …
    ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺑﺤﻞ ﺷﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻟﻄﻼﻕ ﺭﺃﺱ ﻭﻟﺪﻱ
    ﺩﻩ ﺃﺧﻠﻴﻪ ﻟﻴﻜﻢ ﻫﻨﺎ ﻭﺃﺭﺟﻊ ﺑﻲ ﺟﺴﻤﻮﺍ
    ﺻﺮﺥ ﺷﻴﺦ ﺍﻟﻜﻤﺒﻮ …
    ﺷﻮﻑ ﻳﺎ ﻋﻤﺪﺓ …
    ﻻﻙ ﺃﺭﺟﻞ ﻣﻨﺎ ﻭﻻﻧﺎ ﺃﻗﻞ ﻣﻨﻚ ﻭﻋﻠﻲ
    ﺑﺎﻟﻄﻼﻕ ﺗﺴﻮﻕ ﻭﻟﺪﻙ ﻭﺗﺮﺟﻊ ﺃﻫﻠﻚ ﻧﺤﻦ
    ﻋﻔﻴﻨﺎ …
    ﻧﺤﻦ ﻗﻤﻨﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﻭﺣﻨﻤﻮﺕ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ
    ﻭﻛﺖ ﺃﺻﻠﻮ ﻣﻮﺕ ﻟﻲ ﻣﻮﺕ ﺍﺣﺴﻦ
    ﻧﻤﻮﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﺭﺓ …
    ﺑﺪﻝ ﻧﻤﻮﺕ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﻧﺎ ﻡ ﻋﺎﺭﻓﻴﻦ ﺑﻜﺘﻠﻮﻧﺎ ﻟﻴﻪ

    منتهي الروعه والابداع سلمت يداك حسن بكري

    Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!