بعد الإعلان مباشرة عن موافقة الرئيس الكيني “أوهورو كينياتا” على المثول كمتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية في “لاهاي” قبل شهرين، كتبت في هذه المساحة منبهاً إلى أن هناك مؤامرة يجري الإعداد لها بهدوء هدفها الرئيس “البشير”، وليس “كينياتا”، وقلت بالحرف والنقطة إن المحكمة ستبرئ الرئيس الكيني، وما قصة مثوله لدى المحكمة إلا مسرحية عبثية سيئة الإنتاج والإخراج!
لم يأبه قادة الدولة والمؤتمر الوطني لما قلنا، وهاهم الآن يتابعون باهتمام إن لم نقل بقلق، تطورات الحملة الجديدة للمدعية العامة لمحكمة الجنايات السيدة “فاتو بنسودا”، وهي تتحرك من داخل قاعات مجلس الأمن الدولي محرضة المجلس على اتخاذ موقف قوي تجاه الرئيس السوداني وحكومته، محتجة بتجميدها النظر في إجراء تحقيقات جديدة بملف دارفور!! بعبارات مختصرة وبطريقة موظفاتنا في السودان قالت لأعضاء المجلس أنا بالطريقة دي ما بعرف أشتغل.. يا تشوف ليكم شوفة مع الجماعة ديل يا ما عايزة شغل وما تسألوني من الملف دا تاني)!!!
وقد يكون ذلك تعبيراً عن إحباط وفشل، لاستمرار سفر الرئيس “البشير” على مدى السنوات الخمس الماضية منذ إصدار المحكمة لمذكرة التوقيف، غير آبه بها، وذات الشيء ينطبق على الدول التي استقبلته ولم تبالِ بقرار مجلس الأمن ومخاطبات الجنائية لها!!
وقد يكون تحريضاً خبيثاً وفق خطة مرسومة لإعادة التعبئة وتشديد الحصار على السودان ورئيسه.
وتماما.. كما توقعت، برأت المحكمة الرئيس الكيني من التهم المنسوبة إليه بارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية في أعمال عنف وحشية شهدتها بلاده قبل سنوات. خلال هذا الأسبوع، نشطت السيدة المدعية في نيويورك، ولم تجد مانعاً (قانونياً) يحول بينها والاجتماع بمعارضين للحكومة من أبناء دارفور المقيمين بالولايات المتحدة، والتقاط صور تذكارية معهم!! أين العدالة والنزاهة والحياد المهني في مثل هذا السلوك؟!!
وزير الخارجية الأستاذ “علي كرتي” صرح أمس الأول معتبراً أن تحركات السيدة “بنسودا” هي محاولة لتصعيد المشكلة، وتحريض مجلس الأمن لإصدار المزيد من القرارات ضد السودان.
إذن قال الوزير ما قلناه قبل شهرين غداة الإعلان (المسخرة) عن مثول الرئيس الكيني أمام المحكمة، ولكن ألم يكن أجدى أن تتدبر حكومتنا أمرها قبل أن تبدأ مراحل تنفيذ المؤامرة، فتحبطها في مهدها؟!.
على أية حال، فإن ما يطمئن أن موقف مندوب “روسيا” في مجلس الأمن صار أقوى من موقف مندوب السودان، فقد نسف الرجل تقرير المدعية، وسفهها.. وطالب بممارسة ضغوط على الحركات المتمردة للحاق باتفاق الدوحة.
يبقى من بعد ذلك، استخدام حق النفض (الفيتو) الذي تأبت علينا به “الصين” الشقيقة، واكتفت بمساعدتنا بالقروض ذات الفائدة !!
شكراً موسكو.. ونأسف فقد تأخرت حكومتنا عليك كثيراً.
الهندي عزالدين
error: Content is protected !!