أرشيف المواضيع السابقةمن محاسن الغربيين، وربما من مساوئهم في نظرنا، أنهم متمهلون في أعمالهم و(بالهم سلبة)، لا عجلة عندهم إلا في المشي، فسرعة ركضهم على الأرض تساوي سرعة (ركشة) بشارع الوادي بالثورة!! وقد يبدو لافتاً لنظر الزائر أو الوافد حديثاً لأوربا مشهد الفتيات وهن يتقافزن في الشوارع كالغزلان خفة، وفي خطوات مستقيمة كأنهن في طابور كلية عسكرية، يحدث هذا وعلى أقدامهن أحذية من ذوات (الكعب العالي جداً)!! وأنظر إلى آنساتنا وسيداتنا الفضليات وهن يصررن على ركوب الكعب العالي ثم يمشين وكأنهن يخضن في وحل!!
(مهلة) الخواجات في الإجراءات والحرص الفائق على تراتبية الخطوات في إنجاز أي عمل، ولو كان إدخال مريض لمستشفى، يجعلنا نستسخف اهتمامهم بالصغائر وتمسكهم بالتفاصيل، لأننا متسرعون بطبعنا إلى النهايات، أياً كان شكلها (يا خي . . ما تخلصنا).. (مرقت روحنا) . . أو كما يقول عامة المصريين في الشارع يا عم.. ما تخلص.. إنجز يا عم) !!
والنتيجة أن إنجازنا ضعيف، وطبيخنا نيء، طرقنا المسفلتة تنهار بعد أشهر من تشييدها، والمباني تؤول للسقوط بعد سنوات قلائل على التشطيب في الملك العام والخاص.
ثقافة (الكلفتة) هي الحاكمة لغالب أعمالنا في السودان، سواء أكانت سياسية أو اقتصادية تنموية أو خدمية أو على نطاق ممارساتنا وسلوكنا الاجتماعي العام.
ولهذا فإننا نحضر ونشتري غالب مستلزمات (العيد) يوم (الوقفة)، ونفتخر بأننا (عملنا حاجاتنا كلها في يوم واحد)، كل أيام السنة محشوة برامج غير منتجة، ونسات وكتشينات ودوريات إيطالية وأسبانية وإنجليزية . . ومسلسلات تركية . . و ربك كريم . . وربنا بحلها.
هل لدى أحدكم مخطط لما سيفعله في أبريل 2015، إذا لم يكن موعد زواجه ؟!
حجز صالات الأفراح قبل أشهر من تاريخ الزفاف هو العمل الوحيد في السودان الذي نرتب له (اجتماعياً) قبل وقت كافٍ!!
الغربيون هم خير من طبق الجزء الأول من الحديث النبوي الشريف: ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً…).. هم لا شأن لهم بالآخرة.
ولذا فإنهم يتمهلون في التخطيط والتنفيذ والبرمجة وكأنهم يعيشون أبدا..!
الركض بسرعة في الشوارع هو محاولة للوفاء بموعد محدد قبل شهر وربما قبل ستة أشهر . . هو سعي حثيث لإكمال الخطة الدراسية أو الهندسية الممتدة للعام 2018 . . مثلاً .
أتقنوا.. وجودوا كل عمل بين يديكم.. خططوا لخمسة أعوام قادمات.
الهندي عزالدين
صحيفة المجهر السياسي
error: Content is protected !!