تبحث “أسكتلندا” اليوم عن استقلالها من بريطانيا أو “المملكة المتحدة”
بعد تاريخ طويل من الوحدة يزيد عن الثلاثمائة عاماً !!
(الإنجليز) الذين دعموا ( انفصال) جنوب السودان، وفصلوه (معنوياً) وثقافياً قبل استقلال السودان بسنوات عبر إقرار سياسة (المناطق المقفولة)، يدخلون اليوم (الخميس) 18/ سبتمبر 2014، امتحاناً عسيراً جداً وقاسياً على (كبرياء) أباطرة العالم القديم، دون أن يكون مسموحاً لهم بالإجابة على الأسئلة، فالاسكتلنديون – وحدهم – من يحق لهم الكتابة على ورقة الامتحان واختيار (نعم) للاستقلال، أو (لا) للانفصال !!
في العام 2009 أتيحت لي فرصة السفر إلى “أدنبرة” عاصمة “أسكتلندا” التي وصلناها بالقطار من “لندن” بعد مسيرة نحو ست ساعات. الخضرة على امتداد البصر تغطي المساحات الشاسعة طولاً وعرضاً في الطريق بين العاصمتين اللتين تغليان اليوم على مرجل الاستفتاء الكريه. غالب نتائج الاستفتاءات لا يأتي من ورائها خير وإن كانت النخب السياسية تعبئ العََوََام من الجماهير بأنَّ في الاستقلال خيراً. ولعلنا لسنا في حاجة إلى كثير جدال، فتجربة (الدولة الفاشلة) في جنوب السودان ماثلة للعيان بعد ثلاث سنوات على الانفصال.
قبل يومين اطلعت على خبر من الوكالات يعترف فيه أحد (القساوسة) الجنوبيين بأنَّ أعمال القتل والعنف والرعب التي شهدتها “جوبا” خلال الأشهر القليلة الماضية لم تشهدها حتى في أوج الحرب مع (الشماليين)- على حد تعبيره!!
السادة (الألمان) هم وحدهم الذين هزموا مشيئة الحرب وأمر واقع الانقسام لخمسة عقود، فهزموا كل الظروف والتكتلات السياسية والعسكرية وتجاوزوا (الأحلاف).. حلف “وارسو” وحلف “الناتو”، فشطبوا من خريطة العالم بلدين اسمهما (ألمانيا الشرقية – الديمقراطية) و (ألمانيا الغربية -الاتحادية)، فعادت ألمانيا واحدة موحدة رسمياً في العام 1990م وقبلها أزاح شعب (الشرقية) الحائط الذي بنته حكومتهم وحلفها لتضعهم في سجن (شيوعي) كبير بقوة الحديد والنار.
“هلموت كول” المستشار الألماني أو رئيس الحكومة وقتها كان قائد (الوحدة) بل زعيم وحدة (الاتحاد الأوربي) كله!!
وبعد الوحدة، وفي زيارة لمنطقة برلين الشرقية، قذف شاب متهور المستشار “كول” بطبق بيض!!
“كول” الذي كان يتمتع ببسطة في الجسم والطول، أمسك بالشاب وانهال عليه ضرباً!!
المحكمة أدانت رئيس الحكومة لأنه لا ينبغي له أن يأخذ القانون بيده. (الألمان) الآن على ما حباهم الله به من أجسام قوية وفارعة لا يستخدمون أيديهم في حسم النزاعات.. لن تصادف مشاجرة في شوارع “برلين” الهادئة والآمنة.. الشرطة هي من تتصدى لكل تجاوز وخلال لمحة بصر .
قلوبنا اليوم مع (الإنجليز) رغم أنَّ قلوبهم لم تكن معنا يوم استفتاء (جنوب السودان)، نرجو أن تظل “أدنبرة” الجميلة، مدينة الزهور والسكينة، جزءاً مستمراً من (المملكة المتحدة) فكل انفصال على أرض هذا العالم مُؤذٍ وقبيح.
المجهر السياسي
error: Content is protected !!