قد يكون ذلك غريباً، ولكنني وطيلة (6) أيام في برلين لم تصادفني (ذبابة) واحدة في أي مكان زرته من أرجاء العاصمة الألمانية..!!
سألت المقيمين هنا عن ظاهرة غياب الذباب هذا الكائن المتوفر بكثرة مفرطة في موسم خريفنا هذا العجيب بجميع ولايات السودان، وعلى وجه الخصوص ولايتي الخرطوم والجزيرة..!! فأجابوني بأنهم لم يألفوا ذباباً في بلاد الألمان، وأن (نحلا) محدوداً يحل بديلاً في موسم الصيف! وأشهد أنني رأيت نحلة بحجم الذبابة تحوم حولي في باحة محيطة بإحدى الكافتريات بشارع يرتاده العرب والأتراك ولم أرَ غيرها.
هذه بلاد ذبابها نحل..!! فأين نحن منها يا رئيس وأعضاء اللجنة الإشرافية (العليا) للنظافة وآلياتها وهيلمانها بولاية الخرطوم؟
المطر ينزل هنا لساعات طوال، فتخرج للشارع فلا تجد له أثراً!! لا شيء هنا اسمه (طين).. ولا طينة واحدة فلا حاجة إذن غالباً لغسيل العربات ولا البيوت!!
السفير الدكتور “خالد فرح” الأديب المثقف الذي عمل سفيراً لبلادنا في باريس ويعمل الآن مستشاراً دبلوماسياً بمكتب البروفسور “غندور” سألته أيضاً عن الذباب (الفرنسي)، وهل يغيب هذا المخلوق المزعج والمسبب للعديد من أمراض مناطق العالم الثالث عن أوربا بسبب الطقس أم لعامل النظافة المفرطة، فرجح النظافة!! وقال: “لقد تجاوزوا هذه المحطة من زمن بعيد”.. محطة الذباب طبعاً.
في الخرطوم أو الجزيرة يوقظك الذباب هذه الأيام من النوم.. أو يمنعك منه!
وبدافع المعرفة لا حب الاستطلاع (السودانوي)، تابعت حركة (آلية نظافة) أو (إشرافية) مدينة برلين التي تمر على الشوارع يومياً وليس كل أسبوعين ومرات كل شهر كما يحدث في وسط الخرطوم، فشاهدت عمالاً (ألمان) أولاد قبائل يرتدون ملابس برتقالية اللون يحملون براميل متوسطة الحجم ذوات عجلات يدفعونها من مخازن القمامة بالعمارات – مواقع السكن – ويحملون سلاسل طويلة من مفاتيح تلك المخازن مربوطة على خواصرهم (ما في حاجة اسمها المفتاح ضاع وما لقيتو وكدي أضرب تلفون لفلان وفلتكان)، ثم يفرغون البراميل داخل عربة أيضاً متوسطة الحجم بداخلها ماكينة تقلب البرميل داخل العربة ويرجع فارغاً ثم يعيده العامل بكل همة ونشاط إلى مكانه المخصص داخل العمارة.
لا يترك العامل وراءه ورقة طائرة ولا علبة سجائر دعك من قارورة مياه أو بقايا (ساندوتش) يلقيها ممتطو الفارهات في شوارع الخرطوم بكل جلافة ووقاحة !!
ثم من أين يأتي الذباب؟!!
المجهر السياسي
error: Content is protected !!