السودان معبر تهريب البشر إلى أوروبا !

ظل هابين يحلم بالهجرة إلى أوروبا، لكنه شهد كابوساً حقيقياً، قبل أن يتمكن من الوصول إلى هناك، فخلال عبوره هو وأحد مواطنيه الحدود من إريتريا إلى السودان، في رحلة استغرقت خمسة أيام يناير هذا العام، تعرض للاختطاف من قبل المهربين، وبقي أسيراً لمدة شهر تقريباً، ويروي «أخذني السماسرة إلى الصحراء، وضربوني ضرباً مبرحاً». ولم يطلقوا سراحي إلى أن دفعت عائلتي 600 دولار أميركي فدية، تم جمعها من التبرعات المحلية ومن أقاربي في الخارج. ثم دفع إلى مهرب آخر ليأخذه إلى الخرطوم، وعلى الرغم من هذه المحنة والكلفة المتزايدة التي تحملتها عائلته، لم يكن ليتردد في وضع حياته مرة أخرى في يد مهربين آخرين، ليذهب إلى أوروبا.
ويقول هابين، الذي استقر به المقام في منطقة الجريف غرب في الخرطوم «لا أدري لماذا، ولكنني أحلم بالوصول إلى أوروبا»، وتعتبر الجريف غرب موطن لعشرات الآلاف من المهاجرين الإريتريين والإثيوبيين، الذين يعيشون في الخرطوم، ويستعد هابين لتأمين وظيفة، لتمويل رحلة باهظة الثمن إلى أوروبا.
ويعتبر السودان معبراً رئيساً للمهاجرين واللاجئين من القرن الإفريقي إلى أوروبا، ووفقاً لمقابلات مع مسؤولين من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فإن ما يقرب من 1500 من طالبي اللجوء الجدد، ومعظمهم من إريتريا، يسجلون أسماءهم كل شهر في مخيمات اللاجئين شرق السودان. وتقدر الحكومة أن عدد الوافدين الفعلي، بما في ذلك أولئك الذين يعبرون الحدود دون اكتشافهم من قبل السلطات، يمكن أن يصل إلى ثلاثة أضعاف هذا العدد. ويذهب غالبية طالبي اللجوء والمهاجرين إلى المراكز الحضرية، مثل الخرطوم للعمل إلى أن يكسبوا ما يستطيعون به الوصول إلى ليبيا، ثم من هناك إلى أوروبا.
ويعتبر الطريق إلى هناك خطيراً للغاية، حيث يتعرض المهاجرون للاختطاف والاعتداء والابتزاز، والترك في حرارة الصحراء الحارقة بلا طعام أو ماء. ويضغط القادة الأوروبيون لاتخاذ مزيد من الإجراءات للحد من الهجرة غير النظامية، بعد الأرقام القياسية في عدد الوفيات في البحر الأبيض المتوسط منذ بداية عام 2015.
واعتمد الاتحاد الأوروبي، أخيراً، خطة من 10 نقاط، تهدف إلى محاربة شبكات التهريب في ليبيا، وبلدان العبور المجاورة، مثل السودان.
إلا أن شبكات التهريب، التي تعمل تحت الأرض في السودان، من المرجح أن تشكل صعوبة بالغة للدول الأوروبية. ويقول أحد الأشخاص، الذي يكني نفسه بحسن أدروب، ويدعي أنه يرتبط بالتهريب في شرق السودان، إن المهربين يستخدمون روابطهم الاجتماعية داخل القبائل، ولديهم اتصالات على مستوى الولاة والوزراء.
وتقول المستشارة في مناهضة الاتجار بالبشر بالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين بشرق السودان، سارة إليوت، إن «الكثير من المهاجرين الذين يريدون الذهاب إلى أوروبا أو الخرطوم، لا يفكرون كثيراً بشأن كيفية وصولهم إلى هناك، وإنهم يثقون بالغرباء، وغالباً لا يعرفون في أي اتجاه يسيرون».
وقد بدأت الحكومة السودانية، أخيراً، فقط الاعتراف بمدى هذه المشكلة، حيث أجازت قانوناً جديداً العام الماضي لمكافحة الاتجار بالبشر، وإنشاء لجنة وطنية مكلفة بتنفيذه. لكن تطبيق القانون لايزال يشكل تحدياً، وسط مزاعم بتورط أجهزة الأمن وشرطة الحدود في انتهاكات حقوق الإنسان. وفي تقرير علني نادر، كشفت صحيفة سودانية أواخر أبريل الماضي، أن اثنين من ضباط الجيش تم اعتقالهما لتهريبهما 65 إثيوبياً في سيارة تابعة للجيش عبر الحدود. ومع ذلك، ينكر المسؤولون الحكوميون مشاركة منتظمة من السلطات في التهريب.
ترجمة: عوض خيري عن «فورين بوليسي»
الحدث نيوز

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!